Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 84-84)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحق تبارك وتعالى يُنبّهنا هنا إلى أن المسألة ليست ديناً ، وتنتهي القضية آمن مَنْ آمن ، وكفر مَنْ كفر … إنما ينتظرنا بعث وحساب وثواب وعقاب … مرجع إلى الله تعالى ووقوف بين يديه ، فإنْ لم تذكر الله بما أنعم عليك سابقاً فاحتط للقائك به لاحقاً . والشهيد : هو نبيُّ الأمة الذي يشهد عليهم بما بلّغهم من منهج الله . وقال تعالى في آية أخرى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً … } [ البقرة : 143 ] . فكأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعطاها الله أمانة الشهادة على الخَلْق لأنها بلغتهم ، فكل مَنْ آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم مطلوب منه أن يُبلّغ ما بلَّغه الرسول ، ليكون شاهداً على مَنْ بلغه أنه بلَّغه : { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ … } [ النحل : 84 ] . فحينما يشهد عليهم الشهيد لا يُؤْذَن لهم في الاعتذار ، كما قال تعالى في آية أخرى : { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 36 ] . أو حينما يقول أحدهم : { رَبِّ ٱرْجِعُونِ * لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ … } [ المؤمنون : 99 - 100 ] . فلا يُجَاب لذلك لأنه لو عاد إلى الدنيا لفعل كما كان يفعل من قبل ، فيقول تعالى : { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ … } [ الأنعام : 28 ] . وقوله : { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ … } [ النحل : 84 ] . يستعتبون : مادة استعتب من العتاب ، والعتاب مأخوذ من العَتْب ، وأصله الغضب والموجدة تجدها على شخص آخر صدر منه نحوك ما لم يكن مُتوقّعاً منه … فتجد في نفسك موجدة وغضباً على مَنْ أساء إليك . فإن استقرّ العَتْب الذي هو الغضب والموجدة في النفس ، فأنت إمّا أنْ تعتب على مَنْ أساء إليك وتُوضّح له ما أغضبك ، فربما كان له عُذْر ، أو أساء عن غير قصد منه ، فإن أوضح لك المسألة وأرضاك وأذهب غضبك فقد أعتبك … فنقول : عتَب فلان على فلان فأعتبه ، أي : أزال عَتْبه . والإنسان لا يُعاتب إلا عزيزاً عليه يحرص على علاقته به ، ويضعه موضعاً لا تتأتى منه الإساءة ، ومن حقه عليك أن تعاتبه ولا تدعْ هذه الإساءة تهدم ما بينكما . إذن : معنى : { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } [ النحل : 84 ] . أي : لا يطلب أحد منهم أنْ يرجعوا عما أوجب العَتْب وهو كفرهم … فلم يَعُد هناك وقت لعتاب لأن الآخرة دار حساب ، وليست دار عمل أو توبة … لم تَعُدْ دارَ تكليف . ويقول الحق تبارك وتعالى : { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ … } .