Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 97-97)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الحق تبارك وتعالى يُعطينا قضية عامة ، هي قضية المساواة بين الرجل والمرأة ، فالعهود كانت عادةً تقع بين الرجال ، وليس للمرأة تدخُّل في إعطاء العهود ، حتى إنها لما دخلتْ في عهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بيعة العقبة جعل واحداً من الصحابة يبايع النساء نيابة عنه . إذن : المرأة بعيدة عن هذا المعتَرك نظراً لأن هذا من خصائص الرجال عادةً ، أراد سبحانه وتعالى أن يقول لنا : نحن لا نمنع أن يكونَ للأنثى عملٌ صالح . ولا تظنّ أن المسألة منسحبة على الرجال دون النساء ، فالعمل الصالح مقبول من الذكر والأنثى على حدٍّ سواء ، شريطة أنْ يتوفَّر له الإيمان ، ولذلك يقول تعالى : { وَهُوَ مُؤْمِنٌ … } [ النحل : 97 ] . وبذلك يكون العمل له جَدْوى ويكون مقبولاً عند الله ولذلك نرى كثيراً من الناس الذين يُقدِّمون أعمالاً صالحةً ، ويخدمون البشرية بالاختراعات والاكتشافات ، ويداوون المرضى ، ويبنون المستشفيات والمدارس ، ولكن لا يتوفر لهم شرط الإيمان بالله . فنرى الحق تبارك وتعالى لا يبخس هؤلاء حقهم ، ولكن يُعجِّله لهم في الدنيا لأنه لا حَظَّ لهم في أجر الآخرة ، يقول تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [ الشورى : 20 ] . ويقول الحق سبحانه وتعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 - 8 ] . وهذا كله خاصٌّ بأمور الدنيا ، فالذي يحسن شيئاً ينال ثمرته ، لكن في جزاء الآخرة نقول لهؤلاء : لا حَظَّ لكم اليوم ، وخذوا أجركم مِمَّنْ عملتُم له فقد عملتُم الخير للإنسانية للشهرة وخلود الذكْر ، وقد أخذتم ذلك في الدنيا فقد خَلَّدوا ذِكْراكم ، ورفعوا شأنكم ، وصنعوا لكم التماثيل ، ولم يبخسوكم حَقَّكم في الشُّهْرة والتكريم . ويوم القيامة يواجههم الحق سبحانه وتعالى : فعلتم ليقال … وقد قيل ، فاذهبوا وخذوا ممَّنْ عملتم لهم . هؤلاء الذين قال الله في حقهم : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [ النور : 39 ] . يُفاجأ يوم القيامة أن له إلهاً كان ينبغي أنْ يؤمن به ويعمل ابتغاء وجهه ومرضاته . إذن : فالإيمان شَرْطٌ لقبول العمل الصالح ، فإذا ما توفر الإيمان فقد استوى الذّكَر والأنثى في الثواب والجزاء . يقول تعالى : { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً … } [ النحل : 97 ] . هذه هي النتيجة الطبيعة للعمل الصالح الذي يبتغي صاحبه وجه الله والدار الآخرة ، فيجمع الله له حظين من الجزاء ، حظاً في الدنيا بالحياة الطيبة الهانئة ، وحظاً في الآخرة : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ النحل : 97 ] . ويقول الحق سبحانه : { فَإِذَا قَرَأْتَ … } .