Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 65-65)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سبق أن تحدثنا عن الفرق بين العباد والعبيد ، وقلنا كلاماً نُوجزه في أن العبيد هم المقهورون للسيد في الأمور القَسْرية القهرية ، ومتمردون عليه في الأمور الاختيارية ، أما العباد فهم مقهورون في الأمور القسرية القهرية ، وتنازلوا أيضاً عن مُرادهم في الأمور الاختيارية لمراد ربهم ، فرضوا أنْ يكونوا مقهورين لله في جميع أحوالهم . وقد تحدّث الحق سبحانه عن عباده وأصفيائه ، كما في قوله تعالى : { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً * وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً * وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } [ الفرقان : 63 - 65 ] . فعباد الله الذين هم أصفياؤه وأحباؤه الذين خرجوا من مرادهم لمراده ، وفَضَّلوا أن يكونوا مقهورين لربهم حتى في الاختيار ، فاستحقوا هذه الحصانة الإلهية في مواجهة كيد الشيطان ووسوسته وغروره : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ … } [ الإسراء : 65 ] . وسبق أنْ تحدَّثنا عن كَيْد الشيطان الذي قال الله عنه : { إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } [ النساء : 76 ] ففي مُحاجّته يوم القيامة أمام ضحاياه الذين أغواهم وأضلّهم ، سيقول : { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي … } [ إبراهيم : 22 ] فليس لي سلطان قَهْر أحملكم به على المعصية ، ولا سلطان حُجَّة وبرهان فأُقنِعكم بها . ثم يقول تعالى : { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } [ الإسراء : 65 ] . الوكيل هو المؤيِّد ، وهو الناصر ، تقول : وكلت فلاناً . أي : وثقت به ليؤدي لي كل ما أريد ، فإنْ كان في البشر مَنْ تثق به ، وتأتمنه على مصالحك ، فما بالك إنْ كان وكيلك هو الله عز وجل ؟ لا شكَّ إنْ كان وكيلك الله فهو كافيك ومُؤيّدك وناصرك ، فلا يُحوجِك لغيره سبحانه . ثم يقول الحق سبحانه : { رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ … } .