Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 105-105)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ … } [ الكهف : 105 ] والآيات تُطلَق ثلاثة إطلاقات ، وقد كفروا بها جميعاً وكذَّبوا ، كفروا بآيات الكون الدالة على قدرة الله ، فلم ينظروا فيها ولم يعتبروا بها ، وكفروا بآيات الأحكام والقرآن والبلاغ من رسول الله ، وكذلك كفروا بآيات المعجزات التي أنزلها الله لتأييد الرسل فلم يصدقوها . إذن : كلمة : { بِآيَاتِ رَبِّهِمْ … } [ الكهف : 105 ] هنا عامة في كل هذه الأنواع . ولقائه أي : وكفروا أيضاً بلقاء الله يوم القيامة ، وكذَّبوا به ، فمنهم مَنْ أنكره كليةً فقال : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } [ المؤمنون : 82 ] . ومنهم مَن اعترف ببعْث على هواه ، فقال : { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } [ الكهف : 36 ] . ومنهم مَنْ قال : إن البعث بالروح دون الجسد وقالوا في ذلك كلاماً طويلاً ، إذن : إما ينكرون البعث ، وإما يُصوِّرونه بصورة ليست هي الحقيقة . ثم يقول تعالى : { فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ … } [ الكهف : 105 ] أي : بَطُلت وذهب نفعُها { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } [ الكهف : 105 ] . وقد اعترض المستشرقون على هذه الآية { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } [ الكهف : 105 ] وقالوا : كيف نُوفِّق بينها وبين الآيات التي تثبت الميزان ، كما في قوله تعالى : { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ } [ الأنبياء : 47 ] . وقوله تعالى : { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ } [ القارعة : 7 - 11 ] . ونقول : إن العلماء في التوفيق بين هذه الآيات قالوا : المراد بقوله تعالى : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } [ الكهف : 105 ] جاءتْ على سبيل الاحتقار وعدم الاعتبار ، فالمراد لا وزنَ لهم عندنا أي : لا اعتبارَ لهم ، وهذه نستعملها الآن في نفس هذا المعنى نقول : فلان لا وزنَ له عندي . أي : لا قيمة له . وبالبحث في هذه الآية وتدبرها تجد أن القرآن الكريم يقول : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ … } [ الكهف : 105 ] ولم يَقُل : عليهم ، إذن : الميزان موجود ، ولكنه ليس في صالحهم ، فالمعنى : لا نقيم لهم ميزاناً لهم ، بل نقيم لهم ميزاناً عليهم . ثم يقول الحق سبحانه : { ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ … } .