Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 13-13)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ نَحْنُ } أي : الحق سبحانه وتعالى ، فهو الذي يقصُّ ما حدث بالحق ، فلو أن القاصَّ غير الله لتُوقّع منه الخطأ أو النسيان ، أو ترك شيء من الأحداث لِهَوىً في نفسه ، إنما إنْ جاءك القصص من الله فهو الحق ، كما قال في آية أخرى : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ … } [ يوسف : 3 ] . إذن : هناك قصَص ليس بالحسن ، وهو القَصَص غير الدقيق . فالقصَصُ القرآني يضمن لك منتهى الدقة في عرض الأحداث ، ويُصوّر لك كل اللقطات ، وكلمة قصة أو قَصَص تدلُّ على دقة التتبع لأنها من قصَّ الأثر أي : تتبَّعه وكان لهذه المهمة رجال معروفون بقصّاصي الأثر ، وهم الذين يتتبعون الواقع . و { نبَأَهُم } النبأ : هو الخبر العظيم . ثم يقول تبارك وتعالى : { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } [ الكهف : 13 ] . هذا هو تفصيل القصة بعد أنْ لخَّصها القرآن في المذكرة والبرقية السابقة ، وكأن الحق سبحانه يقول لرسوله : لقد ذكر ناسٌ هذه القصة من قبل ، لكنها قُصَّتْ بغير الحق ، وغُيّر فيها ، لكن قَصّنا لها هو القَصَص الحق الذي لا كذبَ فيه . فحقيقة هؤلاء أنهم فتية آمنوا بالله ، وهذه قضيتهم التي ضَحَّوْا من أجلها ، فلما آمنوا بالله تولاّهم ونوَّر بصائرهم وربط على قلوبهم ، وزادهم إيماناً ، كما قال في آية أخرى : { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَءَاتٰهم تَقْوَاهُمْ } [ محمد : 17 ] . وما أشبه هذه المسألة بالمعلِّم الذي يلمح أمارات النجابة والذكاء على أحد تلاميذه ، ويراه مُجيباً حريصاً على العلم فيُولِيه اهتمامه ويمنحه المزيد من المعلومات . ونلاحظ هنا أن هؤلاء المؤمنين الذين ضَحَّوْا بكلِّ شيء وفرُّوا بدينهم ما زالوا في مرحلة الشباب ، وهو مظنّة الانشغال بالدنيا والحِرْص على مُتعها ، أما هؤلاء فقد انشغلوا بدينهم منذ صِغَرهم ليكونوا قدْوة ومثَلاً للشباب المؤمن في كل زمان ومكان ، فالفتاء في أهل الكهف : فتاء إيمان وفتاء عقيدة . والحق سبحانه يقول : { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا … } .