Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 40-40)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وعسى للرجاء ، فإن كان الرجاء من الله فهو واقع لا شكَّ فيه لذلك حينما تقول عند نعمة الغير : ما شاء الله لا قوة إلا بالله يعطيك الله خيراً مما قُلْت عليه : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، وإن اعترفتَ بنعمة الله عليك ورددْت الفضل إليه سبحانه زادك ، كما جاء في قوله تعالى : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } [ إبراهيم : 7 ] . فقوله : { فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ } [ الكهف : 40 ] أي : ينقل مسألة الغنى والفقر ويُحوّلها ، فأنت لا قدرة لك على حفظ هذه النعمة ، كما أنك لا قدرةَ لك على جَلْبها من البداية . إذن : يمكن أنْ يعطيني ربي نعمة مثل نعمتك ، في حين تظل نعمتك كما هي ، لكن إرادة الله تعالى أن يقلبَ نعمتك ويزيلها : { وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ الكهف : 40 ] هذه النعمة التي تعتز بها وتفخر بزهرتها وتتعالى بها على خَلْق الله يمكن أنْ يرسلَ الله عليها حُسْباناً . والحُسْبان : الشيء المحسوب المقدَّر بدقّة وبحساب ، كما جاء في قوله تعالى : { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } [ الرحمن : 5 ] والخالق سبحانه وتعالى جعل الشمس والقمر لمعرفة الوقت : { لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ } [ يونس : 5 ] ونحن لا نعرف من هذه عدد السنين والحساب إلا إذا كانت هي في ذاتها منضبطةً على نظام دقيق لا يختلّ ، مثل الساعة لا تستطيع أنْ تعرفَ بها الوقت وتضبطه إلا إذا كانت هي في ذاتها منضبطة ، والشيء لا يكون حسباناً لغيره إلا إذا كان هو نفسه مُنْشأ على حُسْبان . وحَسب حُسْباناً مثل غفر غفراناً ، وقد أرسل الله على هذه الجنة التي اغترَّ بها صاحبها صاعقة محسوبة مُقدَّرة على قَدْر هذه الجنة لا تتعدَّاها إلى غيرها ، حتى لا يقول : إنها آية كونية عامة أصابتني كما أصابت غيري … لا . إنها صاعقة مخصوصة محسوبة لهذه الجنة دون غيرها . ثم يقول تعالى : { فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } [ الكهف : 40 ] أي : أن هذه الجنة العامرة بالزروع والثمار ، المليئة بالنخيل والأعناب بعد أن أصابتها الصاعقة أصبحتْ صَعيداً أي : جدباء يعلُوها التراب ، ومنه قوله تعالى في التيمُّم : { فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً } [ النساء : 43 ] ليس هذا وفقط ، بل { صَعِيداً زَلَقاً } [ الكهف : 40 ] أي : تراباً مُبلّلاً تنزلق عليه الأقدام ، فلا يصلح لشيء ، حتى المشي عليه .