Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 44-44)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هنالك : أي في وقت الحالة هذه ، وقتَ أنْ نزلتْ الصاعقة من السماء فأتتْ على الجنة ، وجعلتها خاوية على عروشها ، هناك تذكّر المنعمَ وتمنّى لو لم يشرك بالله ، فقوله : { هُنَالِكَ } أي : في الوقت الدقيق وقت القمة ، قمة النكَد والكَدَر . و { هُنَالِكَ } جاءت في القرآن في الأمر العجيب ، ويدعو إلى الأمر الأعجب ، من ذلك قصة سيدنا زكريا - عليه السلام - لما دخل على السيدة مريم ، فوجد عندها رزقاً : { قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ آل عمران : 37 ] . وكان زكريا - عليه السلام - هو المتكفّل بها ، الذي يُحضِر لها الطعام والشراب ، فلما رأى عندها أنواعاً من الطعام لم يَأْتِ بها سألها من أيْن ؟ فقالت : هو من عند الله إن الله يرزق مَنْ يشاء بغير حساب ، فأطمع هذا القولُ زكريا في فضل الله ، وأراد أن يأخذ بالأسباب ، فدعا الله أن يرزقه الولد ، وقد كانت امرأته عاقراً فقال تعالى : { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ } [ آل عمران : 38 ] . و { ٱلْوَلاَيَةُ } أن يكون لك ولي ينصرك ، فالوليّ هو الذي يليك ، ، ويدافع عنك وقت الشدة ، وفي قراءة أخرى : هُنَالِكَ الْوِلايَةُ بكسر الواو يعني الملك ، كما في قوله : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] . وقوله : { هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً … } [ الكهف : 44 ] لأنه سيجازى على العمل الصالح بثواب ، هو خير من الدنيا وما فيها { وَخَيْرٌ عُقْباً } [ الكهف : 44 ] أي : خير العاقبة بالرزق الطيب في جنة الخلد . هكذا ضرب الله تعالى لنا مثلاً ، وأوضح لنا عاقبة الغنيّ الكافر ، والفقير المؤمن ، وبيَّن لنا أن الإنسان يجب ألاّ تخدعه النعمة ولا يغرَّه النعيم لأنه موهوب من الله ، فاجعل الواهب المنعِمَ سبحانه دائماً على بالك ، كي يحافظ لك على نعمتك وإلا لَكُنْتَ مثل هذا الجاحد الذي استعلى واغترّ بنعمة الله فكانت عاقبته كما رأيت . وهذا مثل في الأمر الجزئي الذي يتعلق بالمكلّف الواحد ، ولو نظرتَ إليه لوجدتَه يعمُّ الدنيا كلها فهو مثال مُصغَّر لحال الحياة الدنيا لذلك انتقل الحق سبحانه من المثل الجزئيّ إلى المثل العام ، فقال تعالى : { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ … } .