Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 52-52)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني : واذْكر يا محمد ، ولتذْكُرْ معك أمتك هذا اليوم : { وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ … } [ الكهف : 52 ] يقول الحق سبحانه للكفار : ادعوا شركائي الذين اتخذتموهم من دوني . وزعمتم : أي : كذبتم في ادعائكم أنهم آلهة { فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ … } [ الكهف : 52 ] . وهذا من سماجتهم وتبجُّحهم وسوء أدبهم مع الحق سبحانه ، فكان عليهم أنْ يخجلوا من الله ، ويعودوا إلى الحق ، ويعترفوا بما كذَّبوه ، لكنهم تمادَوْا { فَدَعَوْهُمْ … } [ الكهف : 52 ] ويجوز أن من الشركاء أناساً دون التكليف ، وأناساً فوق التكليف ، فمثلاً منهم مَنْ قالوا : عيسى . ومنهم مَنْ قالوا : العزير ، وهذا باطل ، وهل استجابوا لهم ؟ ومنهم مَنِ اتخذوا آلهة أخرى ، كالشمس والقمر والأصنام وغيرها ، ومنهم مَنْ عبد ناساً مثلهم وأطاعوهم ، وهؤلاء كانوا موجودين معهم ، ويصح أنهم دَعَوْهم ونادوهم : تعالوا ، جادلوا عنّا ، وأخرجونا مما نحن فيه ، لقد عبدناكم وكنا طَوْعَ أمركم ، كما قال تعالى عنهم : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ … } [ الزمر : 3 ] . ولكن ، أنَّى لهم ما يريدون ؟ فقد تقطعتْ بينهم الصلات ، وانقطعت حجتهم { فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ … } [ الكهف : 52 ] ثم جعل الحق سبحانه بين الداعي والمدعو وادياً سحيقا : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً … } [ الكهف : 52 ] . والمَوْبِق : المكان الذي يحصل فيه الهلاك ، وهو وَادٍ من أودية جهنم يهلكون فيه جميعاً ، أو : أن بين الداعي والمدعو مكاناً مُهْلِكاً ، فلا الداعي يستطيع أنْ يلوذَ بالمدعو ، ولا المدعو يستطيع أنْ ينتَصرَ للداعي ويُسعفه ، لأن بينهم منبعَ هلاك . ومن ذلك قوله تعالى : { إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 34 ] يعني : يهلكهن . ومن العجيب أن تكون هذه أولَ إطاعة منهم لله تعالى ، فلما قال لهم : { نَادُواْ شُرَكَآئِيَ … } [ الكهف : 52 ] استجابوا لهذا الأمر ، في حين أنهم لم يطيعوا الأوامر الأخرى . ثم يقول الحق سبحانه : { وَرَءَا ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا … } .