Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 51-51)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إن هذا الشيطان الذي واليتموه من دون الله ، وأعطيتموه الميْزة ، واستمعتم إليه ما أشهدتهم خَلْق السماوات والأرض مجرد المشاهدة ، لم يحضروها لأن خَلْق السماوات والأرض كان قبل خَلْقهم ، وكذلك ما شَهِدوا خَلْق أنفسهم لأنهم ساعة خَلْقتهم لم يكونوا موجودين ، إنهم لم يشهدوا شيئاً من ذلك لكي يخبروكم . { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } [ الكهف : 51 ] أي : مساعدين ومعاونين ومساندين ، فما أشهدتهم الخَلْق وما عاونوني فيه . والعَضُد : هو القوة التي تُسعفك وتسندك ، وهو مأخوذ من عَضُد الإنسان ، حيث يزاول أغلب أعماله بيديه ، وحين يزاول أعماله بيديه تتحرك فيه مجموعة من الأعضاء قَبْضاً وبَسْطاً واتجاهاً يميناً وشمالاً ، وأعلى وأسفل ، وكُلُّ هذه الحركات لا بُدَّ لها من مُنظِّم أو موتور هو العضد ، وفي حركة اليد ودقتها في أداء مهمتها آياتٌ عُظْمى تدلُّ على دِقَّة الصَّنْعة . وحينما صنع البشر ما يشبه الذراع واليد البشرية من الآلات الحديثة ، تجد سائق البلدوزر مثلاً يقوم بعدة حركات لكي يُحرِّك هذه الآلة ، أما أنت فتحرِّك يدك كما شئْتَ دون أن تعرف ماذا يحدث ؟ وكيف تتم لك هذه الحركة بمجرد أن تُفكّر فيها دون جهد منك أو تدبير ؟ فكل أجزائك مُسخَّرة لإرادتك ، فإنْ أردتَ القيام مثلاً قمتَ على الفور لذلك إياك أنْ تظن أنك خَلْق ميكانيكي ، بل أنت صَنْعة ربانية بعيدة عن ميكانيكا الآلات ، بدليل أنه إذا أراد الخالق سبحانه أن يُوقِف جزءاً منك أمر المخ أنْ يقطعَ صِلَته به ، فيحدث الشلل التام ، ولا تستطيع أنت دَفْعَه أو إصلاحه . ومن ذلك أيضاً قوله تعالى في قصة موسى : { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ … } [ القصص : 35 ] أي : نُقوِّيك ونُعطيك السَّنَد والعَوْن . ثم يقول الحق سبحانه : { وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ … } .