Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 55-55)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ما الذي منعهم أن يؤمنوا بعد أن أنزل عليهم القرآن ، وصرّفنا فيه من الآيات والأمثال ، وبعد أن جاءهم مطابقاً لكل الأحوال ؟ وفي آية أخرى ، أوضح الحق سبحانه سبب إعراضهم عن الإيمان ، فقال تعالى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً * وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ … } [ الإسراء : 89 - 93 ] . فكُلُّ هذه التعنّتات وهذا العناد هو الذي حال بينهم وبين الإيمان بالله ، والحق سبحانه وتعالى حينما يأتي بآية طلبها القوم ، ثم لم يؤمنوا بها يُهلكهم لذلك قال بعدها : { إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ … } [ الكهف : 55 ] فهذه هي الآية التي تنتظرهم : أن تأتيهم سُنَّة الله في إهلاك مَنْ كذَّب الرسل . فقبل الإسلام ، كانت السماء هي التي تتدخل لنُصْرة العقيدة ، فكانت تدكُّ عليهم قُراهم ومساكنهم ، فالرسول عليه الدعوة والبلاغ ، ولم يكن من مهمته دعوة الناس إلى الحرب والجهاد في سبيل نَشْر دعوته ، إلا أمة محمد فقد أَمِنها على أن تحمل السيف لتُؤدِّب الخارجين عن طاعة الله . وقوله تعالى : { وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ … } [ الكهف : 55 ] أي : على ما فات من المهاترات والتعنُّتات والاستكبار على قبول الحق { إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ … } [ الكهف : 55 ] أي : بهلاك المكذبين { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً … } [ الكهف : 55 ] أي مُقابِلاً لهم ، وعياناً أمامهم ، أو { قُبُلاً } جمع قبيل ، وهي ألوان متعددة من العذاب ، كما قال تعالى : { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ … } [ الطور : 47 ] أي : لهم عذاب غير النار ، فألوان العذاب لهم متعددة . ثم يُسلِّي الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم حتى لا يأبه لعمل الكفار ، ولا يهلك نفسه أَسَفاً على إعراضهم ، فيقول سبحانه : { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ … } .