Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 7-7)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وكأن هذه الآية تعقيب على سابقتها ، وإشارة لرسول الله بأن الدنيا قصيرة ، فالمسألة - إذن - قريبة فلا داعيَ لأنْ يُهلِك نفسه حُزْناً على عناد قومه ، فالدنيا لكل إنسان مدة بقائه بها وعَيْشَه فيها ، ولا دخلَ له بعمرها الحقيقي لأن حياة غيره لا تعود عليه بشيء ، وعلى هذا فما أقصرَ الدنيا ، وما أسرعَ انتهائها ، ثم يرجعون إلينا فنجازيهم بما عملوا ، فلا تحزن ولا تيأس ، ولا تكدِّر نفسك ، لأنهم لم يؤمنوا . فقوله تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا … } [ الكهف : 7 ] أي : كل ما على الأرض هو زينة ، والزينة هي الزخرف الذي يبرق أمام الأعين فيغريها ، ثم يندثر ويتلاشى ، وقد أوضح لنا القرآن هذه المسألة في قوله تعالى : { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ … } [ الكهف : 45 ] . فإياك أنْ يأخذك هذا الزخرف لأنه زَهْر سرعان ما يذبل ويصير حُطاماً . وقوله : { لِنَبْلُوَهُمْ … } [ الكهف : 7 ] البلاء يعني : الاختبار والامتحان . وليس المصيبة كما يظن البعض لأن المصيبة تكون على مَنْ يخفِق في الاختبار ، والابتلاء لهم من الله مع علمه تعالى بأمرهم وما سيحدث منهم مُسْبقاً ، ولكن لنعرف معرفة الواقع وشهادة الواقع . وما أشبه هذه المسألة بالتلميذ الذي يتنبأ له أستاذه بالفشل لما يراه من مقدمات يعرفها عن عقليته وعن اجتهاده والتفاته يحكم من خلالها ، فإذا ما دخل التلميذ الاختبار فشل فيه وأخفق ، لكن هل يعني هذا أن نلغي الاختبارات في مدارسنا اعتماداً على خبرة المعلم بتلاميذه ؟ لا بُدَّ من الاختبار ليقوم شاهداً واقعياً على مَنْ يخفق . إذن : معنى : { لِنَبْلُوَهُمْ … } [ الكهف : 7 ] أي : بلاء شهادة منهم على أنفسهم . ثم يقول الحق سبحانه : { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا … } .