Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 88-88)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ … } [ الكهف : 88 ] أي : نعطيه الجزاء الحسن { وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } [ الكهف : 88 ] نقول له الكلام الطيب الذي يُشجِّعه ويحْفزه ، وإنْ كلَّفناه كلَّفناه بالأمر اليسير غير الشاق . وهذه الآية تضع لنا أساس عملية الجزاء التي هي ميزان المجتمع وسبب نهضته ، فمجتمعٌ بلا جزاءات تثيب المجدّ وتعاقب المقصِّر مجتمع ينتهي إلى الفوضى والتسيُّب ، فإنْ أمِنَ الناسُ العقابَ تكاسلوا ، وربما ما تعانيه مصر الآن من سوء الإدارة راجع إلى ما في المجتمع من أشخاص فوق القانون لا نستطيع معاقبتهم فيتسيّب الآخرون . وكذلك نرى المراتب والجوائز يظفر بها مَنْ لا يعمل ، ويظفر بها مَنْ يتقرب ويتودد ويتملّق وينافق ، ولهؤلاء أساليبهم الملتوية التي يجيدونها ، أما الذي يجدّ ويعمل ويخلص فهو مُنْهك القوى مشغول بإجادة عمله وإتقانه ، لا وقْتَ لديه لهذه الأساليب الملتوية ، فهو يتقرب بعمله وإتقانه ، وهذا الذي يستحق التكريم ويستحق الجائزة . ولك أنْ تتصوَّر مدى الفساد والتسيّب الذي تسببه هذه الصورة المقلوبة المعوجة . إذن : فميزان المجتمع وأساس نهضته : { أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } [ الكهف : 87 - 88 ] . فما أجمَل أنْ نرصُدَ المكافآت التشجيعية والجوائز ، ونقيم حفلات التكريم للمتميزين والمثاليين ، شريطةَ أنْ يقومَ ميزان الاختيار على الحق والعدل . والحُسْنى : أفعل التفضيل المؤنث لحسن ، فإذا أعطيناه الحسنى فالحسن من باب أَوْلَى ، ومن هذا قوله تعالى : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ … } [ يونس : 26 ] .