Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 95-95)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والقوْل هنا أيضاً قَوْل دلالة وإشارة تُفهمهم أنه في غِنىً عن الأجر ، فعنده الكثير من الخير الذي أعطاه الله ، إنما هو في حاجة إلى قوة بشرية عاملة تُعِينه ، وتقوم معه بتنفيذ هذا العمل . ونفهم من الآية أن المعونة من المُمكَّن في الأرض المالك للشيء يجب أن تكون حِسْبة لله ، وأنْ تُعين معونة لا تحوج الذي تعينه إلى أن تُعينه كل وقت ، بل أعنه إعانة تغنيه أن يحتاج إلى المعونة فيما بعد ، كأن تعلّمه أنْ يعمل بنفسه بدل أنْ تعطيه مثلاً مالاً ينفقه في يومه وساعته ثم يعود محتاجاً لذلك يقولون : لا تُعطِني سمكة ، ولكن علِّمني كيف أصطاد ، وهكذا تكون الإعانة مستمرة دائمة ، لها نَفَس ، ولها عُمْر . ولما كان ذو القرنين ممكّناً في الأرض ، وفي يده الكثير من الخيرات والأموال ، فهو في حاجة لا إلى مال بل إلى الطاقة البشرية العاملة ، فقال : { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ … } [ الكهف : 95 ] أي : قوة وطاقة بشرية قوية مخلصة { أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً } [ الكهف : 95 ] . ولم يقُلْ : سداً لأن السدّ الأصمَّ يعيبه أنه إذا حصلت رَجَّة مثلاً في ناحية منه ترجّ الناحية الأخرى لذلك أقام لهم ردماً أي : يبني حائطاً من الأمام وآخر من الخلف ، ثم يجعل بينهما ردماً من التراب ليكون السد مَرِناً لا يتأثر إذا ما طرأت عليه هزة أرضية مثلاً ، فيكون به التراب مثل " السُّوست " التي تمتص الصدمات . والردم أن تضع طبقات التراب فوق بعضها ، حتى تردم حُفْرة مثلاً وتُسوّيها بالأرض ، ومن ذلك ما نسمعه عندما يعاتب أحدهم صاحبه ، وهو لا يريد أنْ يسمعَ ، فيقول له : اردم على هذا الموضوع .