Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 10-10)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ آيَةً } أي : علامة على أن امرأته قد حملتْ في يحيى ، وكأن زكريا عليه السلام يتعجل الأمور ولا صبرَ له طوال تسعة أشهر ، بل يريد أن يعيش في ظِلِّ هذه النعمة ، وكأنها واقع لا ينفكّ لسانه حامداً شاكراً عليها ، وتظل النعمة في باله رغم أن ولده ما يزال جنيناً في بطن أمه . فيجيبه ربه : { آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } [ مريم : 10 ] علامتك أَلاَّ تُكَلِّم الناس ثلاث ليال وأَلاَّ ليست للنهي عن الكلام ، بل هي إخبار عن حالة ستحدث له دون إرادته ، فلا يكلم الناس مع سلامة جوارحه ودون عِلَّة تمنعه من الكلام ، كخرس أو غيره . لذلك قال : { ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } [ مريم : 10 ] أي : سليماً مُعاَفىً ، سويّ التكوين ، لا نقص فيك ، ولا قصور في جارحة من جوارحك . وهكذا لا يكون عدم الكلام عَيْباً ، بل آية من آيات الله . وهناك فَرْق بين أمر كونيٍّ وأمر شرعي ، الأمر الكونيُّ هو ما يكون وليس لك فيه اختيار في ألاَّ يكون ، والأمر الشرعيّ ما لك فيه اختيار من الممكن أن تطيعه فتكون طائعاً ، أو تعصيه فتكون عاصياً . وهذا الذي حدث لزكريا أمر كوني ، وآية من الله لا اختيار له فيها ، وكأن الحق سبحانه يعطينا الدليل على أنه يوجد مِنْ لا مظنّة أسباب ، وقد يبقي الأسباب سليمة صالحة ولا يظهر المسبَّب ، فاللسان هنا موجود ، وآلات النطق سليمة ، ولكنه لا يقدر على الكلام . فتأمل طلاقة القدرة ، فقد شاء سبحانه لزكريا الولد بغير أسباب ، وهنا منع مع وجود الأسباب ، فكلا الآيتين سواء في قدرته تعالى ومشيئته . ثم يقول الحق سبحانه : { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ … } .