Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 20-20)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَنَّىٰ } استفهام عن الكيفيات التي يمكن أن تتم بها هذه المسألة ، وتعجُّب كيف يحدث ذلك . وقوله : { يَمْسَسْنِي … } [ مريم : 20 ] المسّ هنا كناية وتعبير مُهذَّب عن النكاح ، وقد نفتْ السيدة مريم كل صور اللقاء بين الذكر والأنثى حين قالت : { وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } [ مريم : 20 ] فالتقاء الذكر بالأنثى له وسائل : الوسيلة الأولى : هي الزواج الشرعي الذي شرعه الله لعباده للتكاثر وحِفْظ النسل ، وهو إيجاب وقبول ، وعقد وشهادة ، وهذا هو المسّ الحلال . الوسيلة الثانية : أنْ يتم هذه اللقاء بصورة محرمة بموافقة الأنثى أو غَصْباً عنها . وقد نفتْ مريم عن نفسها كل هذه الوسائل فقالت : { وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ … } [ مريم : 20 ] لا في الحلال ، ولا في الحرام ، وأنا بذاتي { لَمْ أَكُ بَغِيّاً } [ مريم : 20 ] إذن : فمن أين لي بالغلام ؟ وكلمة : مسَّ جاءتْ في القرآن للدلالة على الجماع ، كما في قوله تعالى : { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ … } [ البقرة : 236 ] فالمراد بالمسّ هنا الجماع ، لذلك فقد فسر الإمام أبو حنيفة قوله تعالى : { لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ … } [ النساء : 43 ] بأنه الجماع لأن القرآن أطلق المسَّ ، وأراد به النكاح ، والمسُّ فعل من طرف واحد ، أما الملامسة فهي مُفَاعلة بين اثنين ، فهي من باب أَوْلَى تعني : جامعتم . وقولها : { وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } [ مريم : 20 ] البغِيُّ : هي المرأة التي تبغي الرجال . والبِغَاء : هو الزنا ، والبَغِيّ : التي تعرض نفسها على الرجال وتدعوهم ، وربما تُكرههم على هذه الجريمة . وقولها : { بَغِيّاً } [ مريم : 20 ] مبالغة في البَغْي وهو الظلم ، واختارتْ صيغة المبالغة بَغِيّ ولم تقُلْ باغية لأن باغية تتعلق بحقوق ما حول العِرْض ، أما الاعتداء على العِرْض ذاته فيناسبه المبالغة في هذا الفعل . ثم يقول الحق سبحانه : { قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ … } .