Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 78-78)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني : أَقُلْتَ هذا القول مُتطوِّعاً به من عند نفسك ، أم اطلعتَ على الغيب ، فعرفتَ منه ما سيكون لك في الآخرة : { أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } [ مريم : 78 ] أي : أعطاه الله تعالى عهداً بأن يكون له في الآخرة كما له في الدنيا ، فإمّا هذه وإمّا هذه ، فأيُّهما توافرتْ لك حتى تجزم بهذا القول ؟ وهذا المعنى واضح في قوله تعالى : { أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ } [ القلم : 35 - 39 ] . والمراد : مَنْ يضمن لهم هذا الذي يدَّعونه ؟ وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : " " مَنْ أدخل على مؤمن سروراً فقد أخذ العهد من الله " ، " ومَنْ صلى الصلوات بفرائضها وفي وقتها فقد أخذ العهد من الله " . فمَنْ هؤلاء الذين لهم عَهْد من الله تعالى ألاَّ يدخلهم النار ؟ والعَهْد : الشيء الموثّق بين اثنين ، والعهد إنْ كان بين الناس فهو عَهْد غير موثوق به ، فقد ينفذ أو لا ينفذ لأن الإنسانَ ابنُ أغيار ، ويمكن أنْ تحُول الظروف بينه وبين ما وعد به ، أما إنْ كان العهد من الله تعالى المالك لكل شيء ، وليست هناك قوة تبطل إرادته تعالى ، فهو العَهْد الحقّ الموثوق به ، والذي لا يتخلف أبداً . فحين تعاهد ربك على الإيمان فإنك لا تضمن ما يطرأ عليك من الأغيار ، أما حين يعاهدك ربك على الجزاء ، فثِقْ أنه نافذ لا يُخلَف . لذلك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن ينصحَ الإمام علياً رضي الله عنه قال : " أدعو الله أن يجعل لك عهداً في قلوب المؤمنين " . أي : حُباً ومودة في قلوبهم ، وما دام أن الله أعطاه هذا العهد ، فهو نافذ مُحقَّق . واختار هنا اسم الرحمن لما فيه من صفة الرحمانية التي تناسب المعونة على الوفاء . ثم يقول الحق سبحانه : { كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ … } .