Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 79-79)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كلا : أداة لنفي ما قيل قبلها وإبطاله ، أي : قوله : { لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً * أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } [ مريم : 77 - 78 ] ثم يأتي ما بعد كلا حُجة ، ودليلاً على النفي . وقد ورد هذا الحرف كَلاَّ في قوله تعالى : { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ * وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ * كَلاَّ … } [ الفجر : 15 - 17 ] . فالحق تبارك وتعالى ينفي الكلام السابق لأن النعمة وسَعَة الرزق ليست دليلَ إكرام ، كما أن الفقر وضِيق الرزق ليس دليلَ إهانةٍ ، فكلاهما ابتلاء واختبار كما أوضحتْ الآيات ، فإتيان النعمة في حَدِّ ذاته ليس هو النعمة إنما النعمة هي النجاح في الابتلاء في الحالتين . فقد يعطيك الله المال فلا تصرفه فيما أحلَّ الله ، فيكون لك فتنة وتخفق في الاختبار ، إذن : لم يكرمك بالمال ، بل جعله لك وسيلة إغواء وإغراء ، فبيدك يتحوَّل المال إلى نعمة أو نقمة ، ويكون إكراماً أو إهانة . وقوله تعالى : { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } [ مريم : 79 ] . لقد جاءت كلمة سَنَكْتُبُ حتى لا يؤاخذه سبحانه وتعالى يوم القيامة بما يقول هو إنه فعله ، ولكن بما كتب عليه وليقرأه بنفسه ، وليكون حجة عليه ، كأن الكتابة ليست كما نظن فقط ، ولكنها تسجيل للصوت وللأنفاس ، ويأتي يوم القيامة ليجد كل إنسان ما فعله مسطوراً . يقول تعالى : { ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } [ الإسراء : 14 ] وهذا القول يدل على أنه ساعة يرى الإنسان ما كتب في الكتاب سيعرف أنه منه ، وإذا كنا نحن الآن نسجل على خصومنا أنفاسهم وكلماتهم ، أتستبعد على من علمنا ذلك أن يسجل الأنفاس والأصوات والحركات بحيث إذا قرأها الإنسان ورآها لا يستطيع أن يكابر فيها أو ينكرها . وقوله سبحانه : { وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } [ مريم : 79 ] أي : يزيده في العذاب ، لأن المد هو أن تزيد الشيء ، ولكن مرة تزيد في الشيء من ذاته ، ومرة تزيد عليه من غيره ، قد تأتي بخيط وتفرده إلى آخره ، وقد تصله بخيط آخر ، فتكون مددته من غيره ، فالله يزيده في العذاب . ثم يقول الحق سبحانه : { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ … } .