Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 93-93)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذلك لأن الخالق - تبارك وتعالى - خلق الإنسان ، وجعل له منطقة اختيار يفعل أو لا يفعل ، يؤمن أو لا يؤمن ، وكذلك جعل فيه منطقة قَهْر ، فالكافر الذي أَلِف الكفر ، وتعوَّد عليه ، وتمرد على الطاعة والإيمان ، هل يستطيع أنْ يتمرّد مثلاً على المرض أو يتمرَّد على الموت ، أو على الفقر ؟ إذن : فأنت مُختار في شيء وعَبْد في أشياء ، كما أن منطقة الاختيار هذه لك في الدنيا ، وليست لك في الآخرة . وسبق أنْ فرَّقنا بين العباد والعبيد ، فالجميع : المؤمن والكافر عبيد لله تعالى ، أما العباد فهم الذين تنازلوا عن اختيارهم ومرادهم لمراد ربهم ، فجاءت كُلُّ تصرفاتهم وفقاً لما يريده الله . وهؤلاء الذين قال الله فيهم : { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً … } [ الفرقان : 63 ] . ومعنى : { إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } [ مريم : 93 ] أي : في الآخرة ، حيث تُلْغَى منطقة الاختيار ، ولا يستطيع أحد الخروج عن مراد الله تعالى ، ويسلب الملك من الجميع ، فيقول تعالى : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] . وهو سبحانه القادر على العطاء ، القادر على السلب : { تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ … } [ آل عمران : 26 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ … } .