Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 98-98)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الحق - تبارك وتعالى - يُسرِّي عن نبيه صلى الله عليه وسلم ما يلاقي من عنت في سبيل دعوته ، كأنه يقول له : إياك أنْ ينالَ منك بُغْض القوم لك وكُرههم لمنهج الله ، إياك أنْ تتضاءلَ أمام جبروتهم في عنادك ، فهؤلاء ليسوا أعزَّ من سابقيهم من المكذبين ، الذين أهلكهم الله ، إنما أستبقى هؤلاء لأن لهم مهمة معك . وسبق أن أوضحنا أن الذين نجوْا من القتل من الكفار في بعض الغزوات ، وحزن المسلمون لنجاتهم ، كان منهم فيما بَعْد سيف الله المسلول خالد بن الوليد . يقول تعالى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ … } [ مريم : 98 ] . كم : خبرية تفيد الكثرة ، من قرن : من أمة { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ … } [ مريم : 98 ] لأننا أخذناهم فلم نُبق منهم أثراً يحس . ووسائل الحِسَّ أو الإدراك كما هو معروف : العين للرؤية ، والأذن للسمع ، والأنف للشمّ ، واللسان للتذوق ، واليد للمس ، فبأيّ آداة من أدوات الحسّ لا تجد لهم أَثراً . وقوله : { أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } [ مريم : 98 ] الركْز : الصوت الخفيّ ، الذي لا تكاد تسمعه . وهذه سُنَّة الله في المكذبين من الأمم السابقة كما قال سبحانه : { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } [ الدخان : 37 ] . أين عاد وثمود وإرم ذات العماد التي لم يُخلَق مثلها في البلاد ؟ وأين فرعون ذو الأوتاد ؟ فكل جبار مهما عَلَتْ حضارته ما استطاع أنْ يُبقي هذه الحضارة لأن الله تعالى أراد لها أنْ تزول ، وهل كفار مكة أشدّ من كل هؤلاء ؟ لذلك حين تسمع هذا السؤال : { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } [ مريم : 98 ] لا يسَعْك إلاَّ أنْ تُجيب : لا أحسُّ منهم من أحد ، ولا أسمع لهم ركزاً .