Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 104-104)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا نداء للمؤمنين … لأن الآية الكريمة تبدأ : { يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ البقرة : 104 ] … وعندما ينادي الحق المؤمنين بقوله : { يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ البقرة : 104 ] … نعرف أن الإيمان هنا هو سبب التكليف … فالله لا يكلف كافراً أو غير مؤمن … ولا يأمر بتكليف إلا لمن آمنوا … فما دام العبد قد آمن فقد أصبحت مسئولية حركته في الحياة عند ربه … ولذلك يوحي إليه بمنهج الحياة … أما الكافر فلا يكلفه الله بشيء . إذن قوله تعالى : { يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ البقرة : 104 ] … أمر لمن آمن بالله ورضي به إلهاً ومشرعاً … قوله : { يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ البقرة : 104 ] … نداء للمؤمنين وقوله : { لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا } [ البقرة : 104 ] … نهي … وكأن راعنا كانت مقولة عندهم يريد الله أن ينهاهم عنها … والإيمان يلزمهم أن يستمعوا إلى نهي الله . ما معنى راعنا ؟ نحن نقول في لغتنا الدارجة راعينا … يعني احفظنا وراقبنا وخذ بيدنا وكلها مأخوذة من مادة الرعاية والراعي … ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " وأصل المادة مأخوذة من راعي الغنم … لأن راعي الغنم لابد أن يتجه بها إلى الأماكن التي فيها العشب والماء … أي إلى أماكن الرعي … وأن يكون حارساً عليها حتى لا تشرد واحدة أو تضل فتفتك بها ذئاب الصحاري … وأن يوفر لها الراحة حتى لا تتعب وتَنْفَق في الطريق … ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كنتُ أَرْعى الغنم على قراريط لأهل مكة " ولكن لماذا استبدل الحق سبحانه وتعالى كلمة راعنا بكلمة انظرنا ؟ إن عند اليهود في العبرانية والسريانية كلمة راعنا ومعناها الرعونة … ولذلك كانوا إذا سمعوا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة راعنا … اتخذوها وسيلة للسباب بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم … والمسلمون لا يدرون شيئاً … لذلك أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يتركوا هذه الكلمة … حتى لا يجد اليهود وسيلة لستر سبابهم ، وأمرهم بأن يقولوا : انظرنا . ثم قال الحق سبحانه وتعالى : " واسمعوا " … والله هنا يشير إلى الفرق بين اليهود والمؤمنين … فاليهود قالوا سمعنا وعصينا ، ولكن الله يقول للمؤمنين اسمعوا سماع طاعة وسماع تنفيذ . سعد بن معاذ سمع واحداً من اليهود يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم - راعنا - وسعد كان من أحبار اليهود ويعرف لغتهم - فلما سمع ما قاله فَهِمَ مراده . فذهب إلى اليهودي وقال له لو سمعتها منك مرة أخرى لضربت عنقك … وقال اليهودي أو لستم تقولونها لنبيكم ؟ أهي حرام علينا وحلال لكم ؟ فنزلت الآية الكريمة تقول : { لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ ٱنْظُرْنَا } [ البقرة : 104 ] … ولو تأملنا كلمة راعنا وكلمة انظرنا لوجدنا المعنى واحداً … ولكن انظرنا تؤدي المعنى وليس لها نظير في لغة اليهود التي تعني الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم … وقوله تعالى : { وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ البقرة : 104 ] … أي من يقولون راعنا إساءةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم لهم عذاب أليم .