Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 11-11)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الفساد في الأرض هو أن تعمد إلى الصالح فتفسده ، وأقل ما يطلب منك في الدنيا ، أن تدع الصالح لصلاحه ، ولا تتدخل فيه لتفسده ، فإن شئت أن ترتقي إيمانياً ، تأتي للصالح ، وتُرِيد من صلاحه ، فإن جئت للصالح وأفسدته فقد أفسدت فسادين ، لأن الله سبحانه وتعالى أصلح لك مقومات حياتك في الكون ، فلم تتركها على الصلاح الذي خُلقت به ، وكان تركها في حد ذاته بعداً عن الفساد ، بل جئت إليها ، وهي صالحة بخلق الله لها فأفسدتها ، فأنت لم تستقبل النعمة الممنوحة لك من الله ، بأن تتركها تؤدي مهمتها في الحياة ، ولم تزد في مهمتها صلاحاً ، ولكنك جئت إلى هذه المهمة فأفسدتها … فلو أن هناك بئراً يشرب منها الناس ، فهذه نعمة لضرورة حياتهم ، تستطيع أنت بأسباب الله في كون الله أن تأتي وتصلحها ، بأن تبطن جدرانها بالحجارة ، حتى تمنع انهيار الرمال داخلها ، أو أن تأتي بحبل وإناء حتى تعين الناس على الوصول إلى مياهها ، ولكنك إذا جئت وردمتها تكون قد أفسدت الصالح في الحياة . وهكذا المنافقون … أنزل الله تعالى منهجاً للحياة الطيبة للإنسان على الأرض ، وهؤلاء المنافقون بذلوا كل ما في جهدهم لإفساد هذا المنهج ، بأن تآمروا ضده وادعوا أنهم مؤمنون به ليطعنوا الإسلام في داخله . ولقد تنبه أعداء الإسلام ، إلى أن هذا الدين القوي الحق ، لا يمكن أن يتأثر بطعنات الكفر ، بل يواجهها ويتغلب عليها . فما قامت معركة بين حق وباطل إلا انتصر الحق ، ولقد حاول أعداء الإسلام أن يواجهوه سنوات طويلة ، ولكنهم عجزوا ، ثم تنبهوا إلى أن هذا الدين لا يمكن أن يُهزَم إلا من داخله ، وأنّ استخدام المنافقين في الإفساد ، هو الطريقة الحقيقية لتفريق المسلمين ، فانطلقوا إلى المسلمين - اسماً - ليتخذوا منهم الحربة التي يوجهونها ضد الإسلام ، وظهرت مذاهب واختلافات ، وما أسموه العلمانية واليسارية وغير ذلك ، كل هذا قام به المنافقون في الإسلام وغلفوه بغلاف إسلامي ، ليفسدوا في الأرض ويحاربوا منهج الله . وإذا لفت المؤمنون نظرهم إلى أنهم يفسدون في الأرض ، وطلبوا منهم أن يمتنعوا عن الإفساد ، ادعوا أنهم لا يفسدون ولكنهم يصلحون ، وأي صلاح في عدم اتباع منهج الله والخروج عليه بأي حجة من الحجج ؟