Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 10-10)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فالله سبحانه وتعالى ، شبه ما في قلوب المنافقين بأنه مرض ، والمرض أولاً يُورِثُ السقم ، فكأن قلوبهم لا تملك الصحة الإيمانية التي تحيي القلب فتجعله قوياً شاباً ، ولكنها قلوب مريضة ، لماذا كانت مريضة ؟ لقد أتعبها النفاق وأتعبها التنافر مع كل ما حولها ، وأحست بأنها تعيش حياة ملؤها الكذب ، فاضطراب القلب جعله مريضاً ، ولا يمكن أن يُشْفَى إلا بإذن الله ، وعلاجه هو الإيمان الحقيقي الصادق ، ذلك الذي يعطيه الشفاء ، والله سبحانه وتعالى يقول : { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } [ الإسراء : 82 ] . إذن فالإيمان والقرآن هما شفاء القلوب ، كلاهما بعيد عن قلوب هؤلاء المنافقين ، فكأن المرض يزداد في قلوبهم مع الزمن ، والله سبحانه وتعالى - بنفاقهم وكفرهم - يزيدهم مرضاً . وهذه هي الصفة الثالثة للمنافقين … إنهم أصحاب قلوب مريضة سقيمة ، لا يدخلها نور الإيمان ، ولذلك فهي قلوب ضعيفة ، ليس فيها القوة اللازمة لمعرفة الحق . وهي قلوب خائفة من كل ما حولها ، مرتعبة في كل خطواتها ، مضطربة بين ما في القلب وما على اللسان ، والمريض لا يقوى على شيء ، وكذلك هذه القلوب لا تقوى على قول الحق ، ولا تقوى على الصدق ، ولا ترى ما حولها ، تلك الرؤية التي تتناسب وتتفق مع فطرة الإيمان ، التي وضعها الله تعالى في القلوب ، ولذلك إذا دخل المنافقون في معركة في صفوف جيش المسلمين … فأول ما يبحثون عنه هو الهروب من المعركة ، يبحثون عن مخبأ يختفون فيه ، أو مكان لا يراهم فيه أحد ، والله سبحانه وتعالى يصفهم بقوله : { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } [ التوبة : 57 ] . لماذا ؟ لأنهم أصحاب قلوب مريضة ، لا تقوى على شيء ، ومرضها يجعلها تهرب من كل شيء ، وتختفي . وليت الأمر يقتصر عند هذا الحد ، ولكن ينتظرهم في الآخرة عذاب أليم ، غير العذاب الذي عانوه من قلوبهم المريضة في الدنيا ، فبما كانوا يكذبون على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، ينتظرهم في الآخرة عذاب أليم أشد من عذاب الكافرين ، والله سبحانه وتعالى يقول : { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ … } [ النساء : 145 ] .