Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 133-133)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا خطاب من يعقوب ينطبق ويمس اليهود المعاصرين لنزول القرآن الكريم … يعقوب قال لأبنائه ماذا تعبدون من بعدي : { قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [ البقرة : 133 ] … هذا إقرار من الأسباط أبناء يعقوب بأنهم مسلمون وأن آباءهم مسلمون … وتأمل دقة الأداء القرآني في قوله تعالى : { نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ … } [ البقرة : 133 ] … فكأنه لم يحدث بعد موت إبراهيم وحين كان يعقوب يموت لم يحدث أن تغير المعبود وهو الله سبحانه وتعالى الواحد … ولذلك قالوا كما يروي لنا القرآن الكريم : { إِلَـٰهاً وَاحِداً } [ البقرة : 133 ] … وسنأخذ من هذه الآية لقطة تفيدنا في أشياء كثيرة لأن القرآن سيتعرض في قصة إبراهيم أنه تحدث مع أبيه في شئون العقيدة … فقال كما يروي لنا القرآن الكريم : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ الأنعام : 74 ] . ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلالة إسماعيل ابن إبراهيم … والرسول عليه الصلاة والسلام قال : " أنا سيد ولد آدم " فإذا كان آزرُ أبو إبراهيم كافراً وعابداً للأصنام … فكيف تصح سلسلة النسب الشريف ؟ نقول إنه لو أن القرآن قال " وإذ قال إبراهيم لأبيه " وسكت لكان المعنى أن المخاطب هو أبو إبراهيم … ولكن قول الله : " لأبيه آزر " … جاءت لحكمة . لأنه ساعة يذكر اسم الأب يكون ليس الأب ولكن العم … فأنت إذا دخلت منزلاً وقابلك أحد الأطفال تقول له هل أبوك موجود ولا تقول أبوك فلان لأنه معروف بحيث لن يخطئ الطفل فيه … ولكن إذا كنت تقصد العم فإنك تسأل الطفل هل أبوك فلان موجود ؟ فأنت في هذه الحالة تقصد العم ولا تقصد الأب … لأن العم في منزلة الأب خصوصاً إذا كان الأب متوفياً . إذن قول الحق سبحانه وتعالى : " لأبيه آزر " بذكر الاسم فمعناه لعمه آزر … فإذا قال إنسان هل هناك دليل على ذلك ؟ نقول نعم هناك دليل من القرآن في هذه الآية الكريمة : { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ … } [ البقرة : 133 ] … والآباء جمع أب ، ثم حدد الله تبارك وتعالى الآباء ، إبراهيم وهو الجد يطلق عليه أب … وإسماعيل وهو العم يطلق عليه أب وإسحاق وهو أبو يعقوب وجاء إسماعيل قبل إسحاق . إذن ففي هذه الآية جمع أب من ثلاثة هم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق … ويعقوب الذي حضره الموت وهو ابن إسحاق ، ولكن أولاد يعقوب لما خاطبوا أباهم قالوا آباءك ثم جاءوا بأسمائهم بالتحديد . . وهم إبراهيم الجد وإسماعيل العم وإسحاق أبو يعقوب ، وأطلقوا عليهم جميعاً لقب الأب … فكأن إسماعيل أطلق عليه الأب وهو العم وإبراهيم أُطلق عليه الأب وهو الجَد وإسحاق أُطلق عليه الأب وهو الأب … فإذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أشرف الناس حسباً ولا فخر " يقول بعض الناس كيف ذلك ووالد إبراهيم كان غير مسلم … ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنا سيد ولد آدم " فإذا قال أحدهم كيف هذا وأبو إبراهيم عليه السلام كان مشركاً عابداً للأصنام … نقول له لم يكن آزر أبا لإبراهيم وإنما كان عمه ، ولذلك قال القرآن الكريم " لأبيه آزر " وجاء بالاسم يريد به الأبوة غير الحقيقية … فأبوة إبراهيم وأبوة إسحاق معلومة لأولاد يعقوب … ولكن إسماعيل كان مقيماً في مكة بعيداً عنهم ، فلماذا جاء اسمه بين إبراهيم وإسحاق ؟ نقول جاء بالترتيب الزمني لأن إسماعيل أكبر من إسحاق بأربعة عشر عاماً … وكونه وصف الثلاثة بأنهم آباء … إشارة لنا من الله سبحانه وتعالى أن لفظ الأب يطلق على العم … والله تبارك وتعالى يريدنا أن نتنبه لمعنى كلمة آزر … ويريد أن يلفتنا أيضاً إلى أن تعدد البلاغ عن الله لا يعني تعدد الآلهة … لذلك قال سبحانه : { إِلَـٰهاً وَاحِداً } [ البقرة : 133 ] …