Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 145-145)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اتباع القبلة مظهر إيماني في الدين ، فما دمت آمنت بدينك فاتبع قبلتك … لا أؤمن بدينك لا أتبع قبلتك . وقوله تعالى : { وَلَئِنْ أَتَيْتَ } [ البقرة : 145 ] ساعة تسمع " ولئن " واو ولام وإن … هذا قسم . فكأن الحق تبارك وتعالى أقسم أنه لو أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب بكل آية ما آمنوا بدينه ولا اتبعوا قبلته … لماذا ؟ لأنهم لا يبحثون عن دليل ، ولا يريدون الاقتناع بصحة الدين الجديد … ولو كانوا يريدون دليلاً أو اقتناعاً لوجدوه في كتبهم التي أنبأتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه النبي الخاتم وأعطتهم أوصافه … فكأن الدليل عندهم ولكنهم يأخذون الأمر سفهاً وعناداً ومكابرة . وقوله تعالى : { وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ } [ البقرة : 145 ] … فكأنه حين جاءت الآية بتغيير القبلة أعلمنا الله أن المسلمين لن يعودوا مرة أخرى إلى الاتجاه نحو بين المقدس ولن يحولهم الله إلى جهة ثالثة … ولكن يعلمنا الله سبحانه وتعالى أن اليهود والنصارى سيكونون في جانب ونحن سنكون في جانب آخر … وأنه ليس هناك التقاء بيننا وبينهم . قال سبحانه : { وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ } [ البقرة : 145 ] … فالخلاف في القبلة مستمر إلى يوم القيامة . وقول الحق : { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ البقرة : 145 ] … حين يخاطب اللهُ سبحانه وتعالى رسوله وحبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه الآية … وهو يعلم أن محمداً الرسول المعصوم لا يمكن أن يتبع أهواءهم … نقول إن المقصود بهذه الآية هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم . إن الله يخاطب أمته في شخصه قائلاً : { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ البقرة : 145 ] … ما هي أهواء أهل الكتاب ؟ هي أن يهادنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يقول إن ما حرفوه في كتبهم أنزله الله … وهكذا يجعل هوى نفوسهم أمراً متبعاً … فكأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يلفت أمة محمد عليه الصلاة والسلام … إلى أن كل من يتبع أهواء أهل الكتاب وما حرفوه سيكون من الظالمين مهما كانت درجته من الإيمان … وإذا كان الله تبارك وتعالى لن يقبل هذا من رسوله وحبيبه فكيف يقبله من أي فرد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ إن الخطاب هنا يمس قمة من قمم الإيمان التي تفسد العقيدة كلها … والله سبحانه وتعالى يريدنا أن نعرف أنه لا يتسامح فيها ولا يقبلها ، حتى لو حدثت من رسوله ولو أنها لن تحدث … ولكن لنعرف أنها مرفوضة تماماً من الله على أي مستوى من مستويات الإيمان حتى في مستوى القمة فتبتعد أمة محمد عن مثل هذا الفعل تماماً .