Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 165-165)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الند هو الشبيه والنظير ، والكافر هو من يجعل لله شبيهاً ونظيراً ، والمشركون لا يخلون الله عن الألوهية ، إنما يشركون معه غيره أنداداً ، وهم يحبون هؤلاء الأنداد كحبهم لله ، أو يُحبونهم كحُبكم أنتم لله ، فكما يُحب المؤمن ربه ، يحب الكافر إلهه الذي اتخذه معبوداً . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ } [ البقرة : 165 ] لماذا ؟ . لأن هذا هو الحب الذي لا يختلف عليه أحد ، ولكن حُب هؤلاء المشركين للآلهة المتعددة المزيفة يختلف فعندما يمس المشرك الضر يتضرع إلى الله وليس إلى الآلهة المزيفة ، مصداقاً لقوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً … } [ يونس : 12 ] . إن المشرك يكتشف بفطرته كذبه على نفسه في مسألة اتخاذه أنداداً لله ، ولذلك إذا عزت عليه الأسباب ، ووقع في مأزق فهو لا يخدع نفسه ويقول : يا صنم أنجدني : وإنما يقول : " يا رب أنقذني " . أما المؤمن فهو لا يغير حُبه لله أبداً ، المؤمن يحب ربه في السراء والضراء ، وعلى ذلك يكون الذين آمنوا أشد حباً لله ، لأنهم لا ينسونه ، لا في الرخاء ولا في الشدة ، لكن الكافرين لا يعرفون الله الحق إلا في الشدائد ، فإذا مرت المسألة فإنهم يسلكون كما يصف القرآن سلوك كل كافر منهم : { مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ … } [ يونس : 12 ] . { وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } [ الزمر : 8 ] . إنهم ينسون الله ، ويعودون إلى تقديس الأنداد المزيفة ، وهم بذلك يظلمون أنفسهم . { وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } [ البقرة : 165 ] ، ويفاجأ هؤلاء المشركون بأمر عجيب لم يكن في حسبانهم ، هم آمنوا بأنداد ويأتون يوم القيامة ليروا تلك الأنداد وهي وقود للنار تعذبهم ، ولو لم تأت معهم حجارة الأصنام التي كانوا يعبدونها لقالوا : " إن الحجارة ستنجدنا من هذا العذاب " . وها هو ذا الحق سبحانه يبين لهم : أن الحجارة ليست معكم في العذاب فقط ، بل هي وقود النار التي تعذبون بها ، ومصداقاً لقوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ … } [ الأنبياء : 98 ] . وكذلك قوله الحق عن النار : { وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ … } [ البقرة : 24 ] . وبذلك ينقطع عن الكافرين المشركين كل أمل في أن تنقذهم آلهتهم المزيفة . { إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ } [ البقرة : 165 ] أي يرون العذاب حق اليقين ، وقد سبق أن أُخبروا به ، لكنهم لم يؤمنوا باليوم الآخر لكن لو صدقوا بيوم القيامة وآمنوا لكفاهم أن يروا العذاب عين اليقين ، ويختم الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله : { أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } [ البقرة : 165 ] أي أنهم ساعة يرون العذاب حق اليقين سيدركون عندها أن القوة لله وأنه شديد العقاب . ثم يبين الحق سبحانه وتعالى ماذا سيكون حالهم عندما يرون العذاب ، فيقول : { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ … } .