Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 18-18)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فالحق سبحانه وتعالى … بعد أن أخبرنا أنه بظلم هؤلاء المنافقين لأنفسهم … ذهب بنور الإيمان من قلوبهم فهم لا يبصرون آيات الله … أراد أن يلفتنا إلى أنه ليس البصر وحده هو الذي ذهب ، ولكن كل حواسهم تعطلت … فالسمع تعطل فهم صُمٌّ ، والنطق تعطل فهم بُكْمٌّ ، والبصر تعطل فهم عُمْيٌّ ، وهذه هي آلات الإدراك في الإنسان … واقرأ قوله تبارك وتعالى : { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ النحل : 78 ] . إذن : كونهم في ظلمات لا يبصرون … فقد تعطلت وسائل الإدراك الأخرى فآذانهم صُمَّتْ فهي لا تسمع منهج الحق ، وألسنتهم تعطلت عن نقل ما في قلوبهم … وأبصارهم لا ترى آيات الله في الكون … إذن : فآلات إدراكهم لهدى الله معطلة عندهم . وقوله تعالى : { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } [ البقرة : 18 ] … أي : لن تعود إليهم هذه الوسائل ليدركوا نور الله في كونه … الإدراك غير موجود عندهم ، ولذلك فلا تطمعوا أن يرجعوا إلى منهج الإيمان أبداً … لقد فسدت في قلوبهم العقيدة … فلم يُفرِّقوا بين ما هو ضُرٌّ عاجل وما هو نفع آجل … نور الهداية كان سيجعلهم يبصرون الطريق إلى الله … حتى يسيروا على بينة ولا يتعثروا ، ولكنهم حينما جاءهم النور رفضوه وانصرفوا عنه … فكأنهم انصرفوا عن كل ما يهديهم إلى طريق الله ! ! . فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة … أعطانا وصفاً آخر من صفات المنافقين هو أن أدوات الإدراك التي خلقها الله جل جلاله معطلة عندهم … ولذلك فإن الإصرار على هدايتهم وبذل الجهد معهم لن يأتي بنتيجة … لأن الله تبارك وتعالى بنفاقهم وظلمهم عطل وسائل الهداية التي كان من الممكن أن يعودوا بها إلى طريق الحق .