Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 71-71)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ } [ البقرة : 71 ] … البقرة الذلول هي البقرة المروضة الممرنة تؤدي مهمتها بلا تعب … تماماً مثل الخيل المروضة التي لا تتعب راكبها لأنها تم ترويضها … وسيدنا إسماعيل هو أول من روض الخيل وساسها … وقال الله سبحانه وتعالى لهم أول وصف للبقرة أنها ليست مروضة … لا أحد قادها ولا قامت بعمل … إنها انطلقت على طبيعتها وعلى سجيتها في الحقول بدون قائد … { تُثِيرُ ٱلأَرْضَ } [ البقرة : 71 ] أي لم تستخدم في حراثة الأرض أو فلاحتها … { وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ } [ البقرة : 71 ] … أي لم تستخدم في إدارة السواقي لسقية الزرع … { مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا } [ البقرة : 71 ] أي خالية من العيوب لا أذنها مثقوبة . ولا فيها أي علامة من العلامات التي يميز الناس أبقارهم بها … ولا رجلها عرجاء ، خالية من البقع والألوان غير اللون الأصفر الفاقع … وكلمة { لاَّ شِيَةَ فِيهَا } [ البقرة : 71 ] … أي لا شيء فيها . والمتأمل في وصف البقرة كما جاء في الآيات يرى الصعوبة والتشديد في اختيار أوصافها … كأن الحق تبارك وتعالى يريد أن يجازيهم على أعمالهم … ولم يجد بنو إسرائيل إلا بقرة واحدة تنطبق عليها هذه المواصفات فقالوا { ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ } [ البقرة : 71 ] كأن ما قاله موسى قبل ذلك كان خارجاً عن نطاق الحق . وذبحوا البقرة ولكن عن كره منهم … لأنهم كانوا حريصين على ألا يذبحوها ، حرصهم على عدم تنفيذ المنهج . هم يريدون أن يماطلوا الله سبحانه وتعالى … والله يقول لنا أن سمة المؤمنين أن يسارعوا إلى تنفيذ تكاليفه … واقرأ قوله تعالى : { وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 133 ] . وهذه السرعة من المؤمنين في تنفيذ التكاليف … دليل على عشق التكليف … لأنك تسارع لتفعل ما يطلبه منك من تحبه … وقوله تعالى : { وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } [ البقرة : 71 ] … يدلنا على أنهم حاولوا الإبطاء في التنفيذ والتلكؤ . إننا لابد أن نلتفت إلى أن تباطؤ بني إسرائيل في التنفيذ خدم قضية إيمانية أخرى … فالبقرة التي طلبها الله منهم بسبب عدم قيامهم بتنفيذ الأمر فور صدوره لهم بقرة نادرة لا تتكرر … والمواصفات التي أعطيت لهم في النهاية … لم تكن تنطبق إلا على بقرة واحدة ليتحكم صاحبها في ثمنها ويبيعها بأغلى الأسعار … والقصة أنه كان هناك في بني إسرائيل رجل صالح … يتحرى الحلال في الرزق والصدق في القول والإيمان الحقيقي بالله . وعندما حضرته الوفاة كان عنده عجلة وكان له زوجة وابنهما الصغير … ماذا يفعل وهو لا يملك سوى العجلة . اتجه إلى الله وقال : اللهم إني أستودعك هذه العجلة لولدي ، ثم أطلقها في المراعي … لم يوصِّ عليها أحداً ولكن استودعها الله . استودعها يد الله الأمينة على كل شيء … ثم قال لامرأته إني لا أملك إلا هذه العجلة ولا آمن عليها إلا الله … ولقد أطلقتها في المراعي … وعندما كبر الولد قالت له أمه : إن أباك قد ترك لك وديعة عند الله وهي عجلة … فقال يا أمي وأين أجدها ؟ … قالت كن كأبيك هو توكل واستودع ، وأنت توكل واسترد … فقال الولد : اللهم رب إبراهيم ورب موسى … رد إلي ما استودعه أبي عندك … فإذا بالعجلة تأتي إليه وقد أصبحت بقرة فأخذها ليريها لأمه … وبينما هو سائر رآه بنو إسرائيل . فقالوا إن هذه البقرة هي التي طلبها الرب … وذهبوا إلى صاحب البقرة وطلبوا شراءها فقال بكم … قالوا بثلاثة دنانير … فذهب ليستشير أمه فخافوا أن ترفض وعرضوا عليه ستة دنانير … قالت أمه لا … لا تُباع … فقال الابن لن أبيعها إلا بملء جلدها ذهباً ، فدفعوا له ما أراد … وهكذا نجد صلاح الأب يجعل الله حفيظاً على أولاده يرعاهم وييسر لهم أمورهم .