Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 72-72)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قصة القتيل هي أن رجلاً ثرياً من بني إسرائيل لم يكن له ولد يرثه … وكان له أقارب كل منهم يريد أن يستأثر بأموال هذا الرجل … والمال والذهب هما حياة بني إسرائيل … فتآمر على هذا الرجل الثري ابن أخيه فقتله ليرثه ويستولي على أمواله … ولكنه أراد أن يبعد التهمة عن نفسه فحمل الجثة وألقاها على باب قرية مجاورة ليتهم أهلها بقتل الثري … وفي الصباح قام أهل القرية ووجدوا جثة الثري أمام قريتهم … ووجدوه غريباً عن القرية فسألوا من هو ؟ حتى وصلوا إلى ابن أخيه … فتجمع أهل القتيل واتهموهم بقتله … وكان أشدهم تحمساً في الاتهام القاتل ابن أخيه … وقوله تعالى { فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا } [ البقرة : 72 ] الدرأ هو الشيء حين يجئ إليك وكل واحد ينفيه عن نفسه … إدارأتم أي أن كلا منكم يريد أن يدفع الجريمة عن نفسه فكل واحد يقول لست أنا … وليس من الضروري أن يتهم أحداً آخر غيره … المهم أن يدفعها عن نفسه . ولقد حاول أهل القريتين … قرية القتيل ، والقرية التي وجدت أمامها الجثة . أن يدفع كل منهما شبهة الجريمة عن نفسه وربما يتهم بها الآخر … ولم يكن هناك دليل دامغ يرجح اتهاماً محدداً . بل كانت الأدلة ضائعة ولذلك استحال توجيه اتهام لشخص دون آخر أو لقرية دون أخرى . وكان التشريع في ذلك الوقت ينص على أنه إذا وجد قتيل على باب قرية ولم يستدل على قاتله … فإن قرية القتيل وأهله يأخذون خمسين رجلاً من أعيان القرية التي وجدت بجوارها الجثة … فيلقوا اليمين بأنهم ما قتلوه … ولا علموا قاتله … وإذا كان الأعيان والأكابر أقل من خمسين رجلاً … تكررت الأيمان حتى تصير خمسين يميناً … فيحلفون أنهم ما قتلوه ولا يعرفون قاتله … عندها يتحمل بيت المال دية القتيل … ولكن الله كان يريد شيئاً آخر … يريد أن يرد بهذه الجريمة على جحود بني إسرائيل باليوم الآخر … ويجعل الميت يقف أمامهم وينطق اسم قاتله … ويجعلهم يرون البعث وهم أحياء … ولذلك قال سبحانه وتعالى : { وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } [ البقرة : 72 ] … أي أن بني إسرائيل أو أولئك الذين ارتكبوا الجريمة دبروها على أن تبقى في طي الكتمان فلا يعلم أحد عنها شيئاً … ولذلك جاء الشاب وقتل عمه دون أن يراه أحد … ثم حمل الجثة خفية في ظلام الليل وخرج بها فلم يلتفت أحد إليه … ثم ذهب إلى قرية مجاورة وألقى بالجثة على باب القرية وأهلها نائمون وانصرف عائداً … كانت كل هذه الخطوات في رأيه ستجعل الجريمة غامضة لا تنكشف أبداً ولا يعرف سرها أحد . ولكن الله تبارك وتعالى أراد غير ذلك … أراد أن يكشف الجريمة بطريقة لا تحتمل الجدل ، وفي نفس الوقت يرد على جحود بني إسرائيل للبعث … بأن يريهم البعث وهم أحياء .