Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 77-77)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يبين الله لنا بأنه يعلم أمرهم وما يفعلون . لقد ظنوا أن الله غافل عندما خلا بعضهم إلى بعض وقالوا : { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ } [ البقرة : 76 ] … الله علم وسمع … وعندما يلاقي المنافقون المؤمنين ويقولون آمنا … { وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ } [ آل عمران : 119 ] هذا انفعال حركي ليس فيه كلام يقال ولكن فيه واقع يرى … ومع ذلك فهو ليس سراً . ما هو السر وما هو العلن ؟ … الأمر المعلن هو الذي يخرج منك إلى من عنده آلة السماع ليسمعك … والأمر المعلن يخرج منك إلى من عنده آلة الرؤية ليراك … فإن كان حركة بلا صوت فهذا عدته العين … وإن كان بصوت فعدته الأذن … هذه وسائل الإدراك الأصلية . وقوله تعالى { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } [ البقرة : 77 ] ألم يكن أولى أن يقول سبحانه يعلم ما يعلنون وما يسرون … وإذا كان يعلم ما نسر أفلا يعلم ما نعلن ؟ … لا شك أنه يعلم … ولكنها دقة في البلاغة القرآنية ذلك أن المتكلم هو الله سبحانه . ونحن نعلم أن الله غيب … وغيب يعني مستور عن حواسنا … ومادام الله غيباً فهو يعلم الغيب المستور … ربما كان العلن الظاهر له قوانين أخرى … فمثلاً إذا كان هناك شخص في المنزل ، ثم يقول " أنا اعلم ما في المنزل وما هو خارج المنزل " … لو قال أنا اعلم ما في المنزل لقلنا له أنت داخله فلا غرابة في ذلك … ولكنك مستور عما في الخارج فكيف تعلمه ؟ وما دام الله غيباً فقوله ما يسرون أقرب لغيبه . وما يعلنون هي التي تحتاج وقفة . لا تظنوا أن الله تبارك وتعالى لأنه غيب لا يعلم إلا ما هو مستور وخفي فقط … لا … إنه يعلم المشهود والغائب … إذن فالمناسب لأن الله غيب عن أبصارنا وكوننا لا ندركه أن يقول ما يسرون أولاً … ما معنى ما يسرون ؟ … السر هو ما لم تهمس به إلى غيرك … لأن همسك للغير بالشيء لم يعد سراً … ولكن السر هو ما تسره في نفسك ولا تهمس به لأحد من الناس … وإذا كان السر هو ما تسره في نفسك ، فالعلن هو ما تجاهر به . ويكون علناً ما دام قد علمه اثنان … والعلن عند الناس واضح والسر عندهم خفي … والله سبحانه وتعالى حين يخبرنا أنه غيب … فليس معنى ذلك أنه لا يعلم إلا غيباً . إنه يعلم السر والعلن … والله جل جلاله يقول في القرآن الكريم : { يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] . فإذا كان السر هو ما تخفيه في نفسك وله واقع داخلك … " ما هو أخفى " هو أن الله يعلم أنك ستفعله قبل أن تفعله . ويعلم أنه سيحدث منك قبل أن يحدث منك .