Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 81-81)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أراد الله سبحانه وتعالى أن يوضح كذبهم … فجاء القرآن قائلاً : " بلى " وهي حرف جواب مثل نعم تماماً … ولكن " بلى " حرف جواب في النفي … يعني ينفي الذي قبله … هم قالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ورسول الله سألهم هل اتخذوا عند الله عهداً أو يقولون على الله ما لا يعلمون ، فجاء القرآن ليقول : { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ البقرة : 81 ] … بداية الجواب ببلى تنفي ما قالوا … لأن بلى تأتي بعد النفي … ونعم تأتي بعد الإجابة … فإذا قال إنسان ليس لك عندي شيء وقلت نعم ، فمعناها أنه صحيح أنك ليس لك عندي شيء … أما إذا قلت بلى ، فمعنى ذلك أن لك عندي شيئاً أو أشياء … ولذلك بعد قولهم { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } [ البقرة : 80 ] … لو جاء بعدها نعم ، لكان قولهم صحيحاً ، ولكن بلى نفت … وجاء الكلام بعدها مؤكداً النفي : { مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ البقرة : 81 ] هم قالوا لن تمسنا النار … قال لن تمسكم فقط بل أنتم فيها خالدون … وقوله تعالى : { أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [ البقرة : 81 ] … الصحبة تقتضي نوعاً من الملازمة فيها تجاذب المتصاحبين … ومعنى ذلك أنه سيكون هناك تجاذب بينهم وبين النار … هنا نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى قال : { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } [ البقرة : 81 ] … وكان السياق يقتضي أن يقال اكتسب … ولكن لأنهم ظنوا أنهم كسبوا … كما بينا في الآية السابقة … وقوله تعالى : { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ } [ البقرة : 81 ] … إحاطة بحيث لا يوجد منفذ للإفلات من الخطيئة لأنها محيطة به . وأنسب تفسير لقوله تعالى : { كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ } [ البقرة : 81 ] … أن المراد الشرك … لأن الشرك هو الذي يحيط بالإنسان ولا مغفرة فيه … والله تعالى يقول : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ … } [ النساء : 48 ] . ولذلك فهؤلاء لم يكونوا عصاة فقط … ولكنهم كانوا كافرين مشركين والدليل قوله تعالى : { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ البقرة : 81 ] … وأصحاب الصغائر أو الكبائر الذين يتوبون منها لا يخلدون في النار … ولكن المشرك بالله والكافر به هم الخالدون في النار … وكل من لم يؤمن بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كافر … لأن الله سبحانه وتعالى قال : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [ آل عمران : 85 ] . ولذلك قلت هناك فرق بين … الإنسان الذي يرتكب معصية لأنه لا يقدر على نفسه فيندم ويتوب … وبين إنسان يفرح بالمعصية … ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى : { إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ … } [ النساء : 17 ] . وهناك من يندم على المعصية وهذا له توبة … وهناك من يفرح بالمعصية وهذا يزداد معصية .