Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 86-86)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ويذكر لنا الله سبحانه وتعالى سبب خيبة هؤلاء وضلالهم لأنهم اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة … جعلوا الآخرة ثمناً لنزواتهم ونفوذهم في الدنيا … هم نظروا إلى الدنيا فقط … ونظرة الإنسان إلى الدنيا ومقارنتها بالآخرة تجعلك تطلب في كل ما تفعله ثواب الآخرة … فالدنيا عمرك فيها محدود … ولا تقل عمر الدنيا مليون أو مليونان أو ثلاثة ملايين سنة … عمر الدنيا بالنسبة لك هو مدة بقائك فيها … فإذا خرجت من الدنيا انتهت بالنسبة لك … والخروج من الدنيا بالموت … والموت لا أسباب له ولذلك فإن الإسلام لا يجعل الدنيا هدفاً لأن عمرنا فيها مظنون … هناك من يموت في بطن أمه … ومن يعيش ساعة أو ساعات ، ومن يعيش إلى أرذل العمر … إذن فاتجه إلى الآخرة ، ففيها النعيم الدائم والحياة بلا موت والمتعة على قدرات الله … ولكن خيبة هؤلاء أنهم اشتروا الدنيا بالآخرة … ولذلك يقول الحق عنهم : { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } [ البقرة : 86 ] … لا يخفف عنهم العذاب أي يجب ألا يأمنوا أن العذاب في الآخرة سيخفف عنهم … أو ستقل درجته أو تنقص مدته … أو سيأتي يوماً ولا يأتي يوماً وقوله : { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } [ البقرة : 86 ] … النصرة تأتي على معنيين … تأتي بمعنى أنه لا يغلب … وتأتي بمعنى أن هناك قوة تنتصر له أي تنصره … كونه يغلب … الله سبحانه وتعالى غالب على أمره فلا أحد يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً … ولكن الله يملك النفع والضر لكل خلقه … ويملك تبارك وتعالى أن يقهر خلقه على ما يشاء … ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ … } [ الأعراف : 188 ] . أما مسألة أن ينصره أحد … فمن الذي يستطيع أن ينصر أحداً من الله … واقرأ قوله سبحانه وتعالى عن نوح عليه السلام : { وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ … } [ هود : 30 ] . يقول الحق سبحانه وتعالى : { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ } [ البقرة : 86 ] … أمر لم يقع بعد بل سيقع مستقبلاً … يتحدث الله سبحانه وتعالى عنه بلهجة المضارع … نقول إن كل أحداث الكون وما سيقع منها هو عند الله تم وانتهى وقضى فيه … لذلك نجد في القرآن الكريم قوله سبحانه : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ … } [ النحل : 1 ] . أَتَى : فعل ماضٍ … ولا تستعجلوه مستقبل … كيف يقول الله سبحانه وتعالى أتى ثم يقول لا تستعجلوه ؟ إنه مستقبل بالنسبة لنا … أما بالنسبة لله تبارك وتعالى فما دام قد قال أتى … فمعنى ذلك أنه حدث … فلا أحد يملك أن يمنع أمراً من أمور الله من الحدوث … فالعذاب آت لهم آت … ولا يخفف عنهم لأن أحدا لا يملك تخفيفه .