Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 89-89)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بعد أن بين لنا الله سبحانه وتعالى … أن بني إسرائيل قالوا إن قلوبهم غلف لا يدخلها شعاع من الهدى أو الإيمان … أراد تبارك وتعالى أن يعطينا صورة أخرى لكفرهم بأنه أنزل كتاباً مصدقاً لما معهم ومع ذلك كفروا به … ولو كان هذا الكتاب مختلفاً عن الذي معهم لقلنا إن المسألة فيها خلاف … ولكنهم كانوا قبل أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينزل عليه القرآن كانوا يؤمنون بالرسول والكتاب الذي ذكر عندهم في التوراة … وكانوا يقولون لأهل المدينة … أَهَلَّ زمن رسول سنؤمن به ونتبعه ونقتلكم قبل عاد وإرم . لقد كان اليهود يعيشون في المدينة … وكان معهم الأوس والخزرج وعندما تحدث بينهم خصومات كانوا يهددونهم بالرسول القادم … فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كفروا به وبما أنزل عليه من القرآن . واليهود في كفرهم كانوا أحد أسباب نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم … لأن الأوس والخرزج عندما بعث الرسول عليه الصلاة والسلام قالوا هذا النبي الذي يهددنا به اليهود وأسرعوا يبايعونه … فكأن اليهود سخرهم الله لنصرة الإسلام وهم لا يشعرون . والرسول عليه الصلاة والسلام كان يذهب إلى الناس في الطائف … وينتظر القبائل عند قدومها إلى مكة في موسم الحج ليعرض عليهم الدعوة فيصدونه ويضطهدونه … وعندما شاء الله أن ينتشر دعوة الإسلام جاء الناس إلى مكة ومعهم الأوس والخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذهب هو إليهم ، وأعلنوا مبايعته والإيمان برسالته ونشر دعوته … دون أن يطلب عليه الصلاة والسلام منهم ذلك … ثم دعوه ليعيش بينهم في دار الإيمان … كل هذا تم عندما شاء الله أن ينصر الإسلام بالهجرة إلى المدينة وينصره بمن اتبعوه . ويقول الحق تبارك وتعالى : { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ البقرة : 89 ] … أي أنهم قبل أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يستفتحون بأنه قد أطل زمن رسول سنؤمن به ونتبعه … فلما جاء الرسول كذبوه وكفروا برسالته . وقوله تعالى : { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ البقرة : 89 ] … أي كفار المدينة من الأوس والخزرج الذين لم يكونوا أسلموا بعد … لأن الرسول لم يأت … الحق سبحانه وتعالى يعطينا تمام الصورة في قوله تعالى : { فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ البقرة : 89 ] . وهكذا نرى أن بني إسرائيل فيهم جحود مركب ، جاءهم الرسول الذي انتظروه وبشروا به … ولكن أخذهم الكبر رغم أنهم موقنون بمجيء الرسول الجديد وأوصافه موجودة عندهم في التوراة إلا أنهم رفضوا أن يؤمنوا فاستحقوا بذلك لعنة الله … واللعنة كما قلنا هي الطرد من رحمة الله .