Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 97-97)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الله تبارك وتعالى أراد أن يلفتنا إلى أن اليهود لم يقتلوا الأنبياء ويحرفوا التوراة ويشتروا بآيات الله جاه الدنيا فقط … ولكنهم عادوا الملائكة أيضاً … بل إنهم أضمروا العداوة لأقرب الملائكة إلى الله الذي نزل بوحي القرآن وهو جبريل عليه السلام … وأنهم قالوا جبريل عدو لنا . الخطاب هنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم … ولقد جلس ابن جوريا أحد أحبار اليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له من الذي ينزل عليك بالوحي ؟ فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام جبريل … فقال اليهودي لو كان غيره لآمنا بك … جبريل عدونا لأنه ينزل دائماً بالخسف والعذاب … ولكن ميكائيل ينزل بالرحمة والغيث والخصب … وأيضاً هو عدوهم لأنهم اعتقدوا أن بيت المقدس سيخربه رجل اسمه بختنصر ، فأرسل اليهود إليه من يقتله … فلقى اليهودي غلاماً صغيراً وسأله الغلام ماذا تريد ؟ قال إني أريد أن أقتل بختنصر لأنه عندنا في التوراة هو الذي سيخرب بيت المقدس … فقال الغلام إن يكن مقدراً أن يخرب هذا الرجل بيت المقدس فلن تقدر عليه … لأن المقدر نافذ سواء رضينا أم لم نرضى … وإن لم يكن مقدراً فلماذا تقتله ؟ أي أن الطفل قال له إذا كان الله قد قضى في الكتاب أن بختنصر سيخرب بيت المقدس … فلا أحد يستطيع أن يمنع قضاء الله … ولن تقدر عليه لتقتله وتمنع تخريب بيت المقدس على يديه … وإن كان هذا غير صحيح فلماذا تقتل نفساً بغير ذنب … فعاد اليهودي دون أن يقتل بختنصر … وعندما رجع إلى قومه قالوا له إن جبريل هو الذي تمثل لك في صورة طفل وأقنعك ألا تقتل هذا الرجل . ويروى أن سيدنا عمر بن الخطاب كان له أرض في أعلى المدينة … وكان حين يذهب إليها يمر على مدارس اليهود ويجلس إليهم … وظن اليهود أن مجلس عمر معهم إنما يعبر عن حبه لهم … فقالوا له إننا نحبك ونحترمك ونطمع فيك … ففهم عمر مرادهم فقال والله ما جالستكم حباً فيكم … ولكني أحببت أن أزداد تصورا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم عنه ما في كتابكم … فقالوا له ومن يخبر محمداً بأخبارنا وأسرارنا ؟ فقال عمر إنه جبريل ينزل عليه من السماء بأخباركم … قالوا هو عدونا … فقال عمر كيف منزلته من الله ؟ قالوا إنه يجلس عن يمين الله وميكائيل يجلس عن يسار الله … فقال عمر ما دام الأمر كما قلتم فليس أحدهما عدواً للآخر لأنهما عند الله في منزلة واحدة . . فمن كان عدواً لأحدهما فهو عدو لله … فلن تشفع لكم عداوتكم لجبريل ومحبتكم لميكائيل لأن منزلتهما عند الله عالية . إن عداوتهم لجبريل عليه السلام تؤكد ماديتهم … فهم يقيسون الأمر على البشر … إن الذي يجلس على يمين السيد ومن يجلس على يساره يتنافسان على المنزلة عنده … ولكن هذا في دنيا البشر … ولكن عند الملائكة لا شيء من هذا … الله عنده ما يجعله يعطي لمن يريد المنزلة العالية دون أن ينقص من الآخر … ثم إن الله سبحانه وتعالى اسمه الحق … وما ينزل به جبريل حق وما ينزل به ميكائيل حق … والحق لا يخاصم الحق … وقال لهم عمر أنتم أشدّ كفراً من الحمير … ثم ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكد الرسول يراه حتى قال له وافقك ربك يا عمر … وتنزل قول الله تبارك وتعالى : { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } [ البقرة : 97 ] فقال عمر يا رسول الله … إني بعد ذلك في إيماني لأصلب من الجبل . إذن فقولهم ميكائيل حبيبنا وجبريل عدونا من الماديات ، والله تبارك وتعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم … إنهم يُعَادُون جبريل لأنه نزل على قلبك بإذن الله … وما دام نزل من عند الله على قلبك … فلا شأن لهم بهذا … وهو مصدق لما بين يديهم من التوراة … وهو هدى وبشرى للمؤمنين … فأي عنصر من هذه العناصر تنكرونه على جبريل … إن عداوتكم لجبريل عداوة لله سبحانه وتعالى .