Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 96-96)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحق سبحانه وتعالى بعد أن فضح كذبهم … في أنهم لا يمكن أن يتمنوا الموت لأنهم ظالمون … وما داموا ظالمين فالموت أمر مخيف بالنسبة لهم … وهم أحرص الناس على الحياة … حتى إن حرصهم يفوق حرص الذين أشركوا … فالمشرك حريص على الحياة لأنه يعتقد أن الدنيا هي الغاية … واليهود أشد حرصاً على الحياة من المشركين لأنهم يخافون الموت لسوء أعمالهم السابقة … لذلك كلما طالت حياتهم ظنوا أنهم بعيدون عن عذاب الآخرةِ … الحياة لا تجعلهم يواجهون العذاب ولذلك فهم يفرحون بها . إن اليهود لا يبالون أن يعيشوا في ذلة أو في مسكنة … أو أي نوع من أنواع الحياة … المهم أنهم يعيشون في أي حياة … ولكن لماذا هم حريصون على الحياة أكثر من المشركين ؟ لأن المشرك لا آخرة له فالدنيا هي كل همه وكل حياته … لذلك يتمنى أن تطول حياته بأي ثمن وبأي شكل … لأنه يعتقد أن بعد ذلك لا شيء … ولا يعرف أن بعد ذلك العذاب … واليهود أحرص من المشركين على حياتهم . وقوله تعالى : { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } [ البقرة : 96 ] … الود هو الحب … أي أنهم يحبون أن يعيشوا ألف سنة أو أكثر … ولكن هب أنه عاش ألف سنة أو حتى أكثر من ذلك … أيزحزحه هذا عن العذاب ؟ لا … طول العمر لا يغير النهاية . فما دامت النهاية هي الموت . يتساوى من عاش سنوات قليلة ومن عاش ألوف السنين … قوله تعالى : " يعمر " بفتح العين وتشديد الميم يقال عنها إنها مبنية للمجهول دائماً … ولا ينفع أن يقال يعمر بكسر الميم … فالعمر ليس بيد أحد ولكنه بيد الله … فالله هو الذي يعطي العمر وهو الذي ينهيه … وبما أن العمر ليس ملكاً لإنسان فهو مبني للمجهول … والعمر هو السن الذي يقطعه الإنسان بين ميلاده ووفاته … ومادة الكلمة مأخوذة من العمار لأن الجسد تعمره الحياة . وعندما تنتهي يصبح الجسد أشلاء وخراباً … قوله تعالى : " ألف سنة " … لماذا ذكرت الألف ؟ لأنها هي نهاية ما كان العرب يعرفونه من الحساب . ولذلك فإن الرجل الذي أسر في الحرب أخت كسرى فقالت كم تأخذ وتتركني ؟ قال ألف درهم … قالوا له بكم فديتها ؟ قال بألف … قالوا لو طلبت أكثر من ألف لكانوا أعطوك … قال والله لو عرفت شيئاً فوق الألف لقلته … فالألف كانت نهاية العدد عند العرب … ولذلك كانوا يقولون ألف ألف ولم يقولوا مليوناً … وقوله تعالى : { وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ } [ البقرة : 96 ] … معناها أنه لو عاش ألف سنة أو أكثر فلن يهرب من العذاب . وقوله تعالى : { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } [ البقرة : 96 ] … أي يعرف ما يعملونه وسيعذبهم به سواء عاشوا ألف سنة أو أكثر أو أقل .