Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 16-16)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
كأن الحق تبارك وتعالى يعطي لموسى - عليه السلام - مناعة لما سيقوله الكافرون الذين يُشكِّكون في الآخرة ويخافون منها ، وغرضهم أنْ يكون هذا كذباً فليست الآخرة في صالحهم ، ومن حظهم إنكارها . فإياك أنْ تصغي إليهم حين يصدونك عنها ، يقولون : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } [ الصافات : 16 - 17 ] . ولماذا يستبعدها هؤلاء ؟ أليس الذي خلقهم مِنْ لا شيء بقادر على أنْ يعيدهم بعد أن صاروا عِظاماً ؟ والحق سبحانه يقول : { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] . وهذا قياس على قَدْر أفهامكم وما تعارفتم عليه من هَيِّن وأهْوَن ، أما بالنسبة للحق - تبارك وتعالى - فليس هناك هيِّن وأهون منه لأن أمره بين الكاف والنون ؟ لكن لماذا يصدُّ الكفار عن الآخرة ، والإيمان بها ؟ لأنهم يعلمون أنهم سَيُجازون بما عملوا ، وهذه مسألة صعبة عليهم ، ومن مصلحتهم أن تكون الآخرة كذباً . وصدق أبو العلاء المعري حين قال : @ زَعَمَ المنجِّمُ والطبيبُ كِلاَهُمَا لاَ تُحْشَرُ الأجْسَادُ قُلْتُ إليْكُمَا إنْ صَحَّ قَولكُمَا فلسْتُ بخَاسِرٍ أَوْ صَحَّ قَوْلِي فَالخسَارُ عليكُمَا @@ أي أن المؤمن بالبعث إن لم يكسب فلن يخسر ، أما أنتم أيها المنكرون فخاسرون . وقوله تعالى : { فَتَرْدَىٰ } [ طه : 16 ] أي : تهلك من الردَى ، وهو الهلاك . وهكذا جاء الكلام من الله تعالى لموسى - عليه السلام - أولاً : البداية إيماناً بالله وحده لا شريك له ، وهذه القمة الأولى ، ثم جاء بالقمة الأخيرة ، وهي البعث فالأمر - إذن - منه بداية ، وإليه نهاية : { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ … } [ طه : 14 ] إلى أنْ قال : { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا … } [ طه : 15 ] . وبعد ذلك شرح لنا الحق - سبحانه - بَدْء إيحائه لرسوله موسى عليه السلام : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ … } .