Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 1-1)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تكلمنا كثيراً عن الحروف المقطَّعة في بدايات السور ، ولا مانع هنا أنْ نشير إلى ما ورد في طه ، فالبعض يرى أنها حروف متصلة ، وهي اسم من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم ، وآخرون يروْنَ أنها حروف مُقطّعة مثل الم ومثل يس فهي حروف مُقطّعة ، إلا أنها صادفتْ اسماً من الأسماء كما في ن حرف وهو اسم للحوت : { وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً … } [ الأنبياء : 87 ] وق حرف ، وهو اسم لجبل اسمه جبل قاف . إذن : لا مانع أن تدل هذه الحروف على اسم من الأسماء ، فتكون طه اسماً من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة ، وأن بعدها : { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } [ طه : 2 ] . لكن تلاحظ هنا مفارقة ، حيث نطق الطاء والهاء بدون الهمزة ، مع أنها حروف مقطعة مثل الف لام ميم ، لكن لم ينطق الحرف كاملاً ، لأنهم كانوا يستثقلون الهَمْز فيُخَفِّفونها ، كما في ذئب يقولون : ذيب وفي بئر ، يقولون : بير . وهذا النطق يُرجح القول بأنها اسم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم . وسبق أنْ أوضحنا أن فواتح السور بالحروف المقطّعة تختلف عن باقي آيات القرآن ، فكُلُّ آيات القرآن من بدايته لنهايته بُنيَتْ على الوَصْل ، وإنْ كان لك أن تقف لذلك فكل المصاحف تُبنَى على الوَصْل في الآيات وفي السور ، فتنطق آخر السورة على الوصل ببسم الله الرحمن الرحيم في السورة التي بعدها . تقول : { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } [ مريم : 98 ] بسم الله الرحمن الرحيم حتى في آخر سور القرآن ونهايته تقول : { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } [ الناس : 6 ] بسم الله الرحمن الرحيم مع أنها آخر كلمة في القرآن ، وماذا سيقول بعدها ؟ لكنها جاءت على الوَصْل إشارة إلى أن القرآن موصولٌ أوَّله بآخره ، لا ينعزل بعضه عن بعض ، فإياك أن تجفوَهُ ، أو تظن أنك أنهيته لأن نهايته موصولة ببدايته فنقرأ { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } { بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } الحمدُ للهِ رب العالمين … إذن : فالقرآن كله في كل جملة وكل آية وكل سورة مبنيٌّ على الوَصْل ، إلا في فواتح السور بالحروف المقطّعة تُبنَى على الوقف ألف - لام - ميم ، وهذا وجه من وجوه الإعجاز ، وأن القرآن ليس ميكانيكا ، بل كلام مُعْجِز من ربِّ العالمين . لذلك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوضح استقلالية هذه الحروف بذاتها ، فقال " تعلموا هذا القرآن ، فإنكم تؤجرون بتلاوته ، بكل حرف عشر حسنات ، أما إني لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ، بكل حرف عشر حسنات " . يقول الحق سبحانة : { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ … } .