Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 5-5)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فالآية السابقة أعطتْنا مظهراً من مظاهر العطف والرحمة ، وهذه تعطينا مظهراً من مظاهر القَهْر والغَلَبة ، واستواء الرحمن - تبارك وتعالى - على العرش يُؤخَذ في إطار . { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ … } [ الشورى : 11 ] . وسبق أن تكلمنا في الصفات المشتركة بين الحق سبحانه وبين خَلْقه ، فلَكَ سمعٌ وبصر ، ولله سمع وبصر ، لكن إياك أنْ تظن أن سمع الله كسمْعك ، أو أن بصره كبصرك . كذلك في مسألة الاستواء على العرش ، فللحقِّ سبحانه استواء على عرشه ، لكنه ليس كاستوائك أنت على الكرسي مثلاً . والعرش في عُرْف العرب هو سرير المْلك ، وهل يجلس الملك على سريره ليباشر أمر مملكته ويدير شئونها إلا بعد أ نْ يستتبَّ له الأمر ؟ وكذلك الخالق - جَلَّ وعلا - خلق الكون بأرضه وسمائه ، وخلق الخَلْق ، وأنزل القرآن لينظم حياتهم ، وبعد أن استتبَّ له الأمر لم يترك الكون هكذا يعمل ميكانيكياً ، ولم ينعزل عن كَوْنه وعن خَلْقه لأنهم في حاجة إلى قيوميته تعالى في خَلْقه . ألم يقل الحق سبحانه في الحديث القدسي : " يا عبادي ناموا مِلْءَ جفونكم ، لأنِّي قَيُّوم لا أنام " . فكوْنُ الله ليس آلةً تعمل من تلقاء نفسها ، وإنما هو قائم بقيوميته عليه لا يخرج عنها لذلك كانت المعجزات التي تخرق نواميس الكون دليلاً على هذه القيومية . ثم يقول الحق سبحانه : { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ … } .