Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 64-64)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : تنبهوا واشحذوا كل أذهانكم ، وكل فنونكم ، وحركاتكم في السحر حتى لا يتمكنا من هذين الأمرين : إخراجكم من أرضكم ، والقضاء على طريقتكم المثلى . وهذا قَوْل بعضهم لبعض { فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ … } [ طه : 64 ] فلا يُخفِي أحد فناً من فنون السحر ، وليُقدّم كُلُّ مِنّا ما عنده لأن عادة أهل الحِرَف أن يوجد بينهم تحاسد ، فلا يُظهر الواحد منهم كل ما عنده مرة واحدة ، أو يحاول أنْ يُخفي ما عنده حتى لا يطلع عليه الآخر ، لكن في مثل هذا الموقف لا بُدَّ لهم من تضافر الجهود فالموقف حرِج ستعمُّ بلواه الجميع إنْ فشلنا في هذه المهمة . وقوله : { ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً … } [ طه : 64 ] يعني : مجتمعين كأنكم يد واحدة ، فهذا أهْيَبُ لكم وأدْخَلُ للرعب في قلوب خصمكم ، كما أننا إذا جِئْنَا سوياً لم يتمكن أحد من التراجع ، فيكون بعضنا رقيباً على بعض . { وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } [ طه : 64 ] أفلح : فاز ، كما في قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ المؤمنون : 1 ] وهذا اللفظ مأخوذ من فلح الأرض ومنه الفلاحة لأن الفلاح إذا شقَّ الأرض أو حرثَها ورعاها تعطيه خيرها ، فحركتُه فيها حركة ميمونة مباركة . لذلك ، لما أراد الحق - تبارك وتعالى - أن يُبيِّن لنا مضاعفة الأجر والثواب على الصدقة وعلى فعل الخير ضرب لنا مثلاً بالزرع ، فقال تعالى : { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [ البقرة : 261 ] . فإذا كانت الأرض وهي مخلوقة لله تعالى تعطي كل هذا العطاء ، فما بالك بعطاء الخالق لهذه الأرض ؟ لذلك عقب المثل بقوله تعالى : { وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ … } [ البقرة : 261 ] . ثم أُخِذَتْ كلمة الفلاح عَلماً على كل فلاح ، ولو لم يكن فيه صِلَة بالأرض لأن قصارى كل حركات الحياة أن تضمن للإنسان بقاء نَوْعه بالأكل ، والأرض مصدر هذا كله ، فكانت لذلك مصدراً للفوز . وقوله : { مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } [ طه : 64 ] أي : طلب العُلو على خَصْمه . لكن هل الفلاَح يكون لمن طلب العلو أم لمن علا بالفعل ؟ طبعاً يكون لمن علا ، إذن : مَنْ عَلاَ بالفعل لا بُدَّ أنْ يشحذَ ذِهْنه على أن يطلب العلو على خصمه ، فمهما علا الخصم استعلى عليه أي : طلب العُلو ، إذن : قبل علا استعلى . ثم يقول الحق سبحانه عن السحرة : { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ … } .