Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 7-7)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الحق - سبحانه وتعالى - حينما يطلب من رسوله أن يذكر يريد منه أن يُذكِّر تذكيراً مرتبطاً بنيته ، لا ليقطع العَتْب عنه نفسه ، فالمسألة ليست جهراً بالتذكير . وإذا كان تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم : إنني سأحرس سرك كما أحرس علانيتك ، وأن الجهر عندي مثل السر ، بل وأخفى من السر ، وهو صلى الله عليه وسلم مؤتمن على الرسالة فإنه تعالى يقول أيضاً لأمته : إياكم أن تقولوا كلاماً ظاهره فيه الرحمة ، ونيتكم غير مستقرة عليه لأن الله كما يعلم الجهر يعلم السر ، وما هو أخفى من السر . وتكلمنا عن الجهر ، وهو أن تُسمع مَنْ يريد أن يسمع ، والسر : أن تخصَّ واحداً بأن تضع في أذنه كلاماً لا تحب أن يشيع عند الناس ، وتهمس في أذنه بأنك المأمون على هذا الكلام ، وأنت ترتاح نفسياً حينما تُلقِي بسرِّك إلى مَنْ تثق فيه ، وتأمن أَلاَّ يذيعه ، وهناك في حياة كل منا أمور تضيق النفس بها ، فلا بُدَّ لك أن تُنفِّسَ عن نفسك ، كما قال الشاعر : @ وَلاَ بُدَّ مِنْ شَكْوَى إِلَى ذِي مُرُوءَةٍ يوَاسِيكَ أَوْ يُسْلِيكَ أَوْ يتوجَّعُ @@ فأنت - إذن - في حاجة لمَنْ يسمع منك ليريحك ، ويُنفِّس عنك ، ولا يفضحك بما أسررْتَ إليه . ومعنى { وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] أي : أَخْفى من السر ، فإنْ كان سِرُّك قد خرج من فمك إلى أذن سامعك ، فهناك ما هو أَخْفَى من السر ، أي : ما احتفظتَ به لنفسك ولم تتفوَّه به لأحد . لذلك يقول تعالى : { وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [ الملك : 13 ] أي : مكنوناتها قبل أن تصير كلاماً . وقال أيضاً : { وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ … } [ ق : 16 ] فوسوسة النفس ، وذات الصدور هي الأَخْفى من السر ، فلديْنَا - إذن - جَهْر ، وسِرٌّ ، وأخفى من السر ، لكن بعض العارفين يقول : وهناك في علم الله ما هو أخْفى من الأَخفى ، فما هو ؟ يقول : إنه تعالى يعلم ما سيكون في النفس قبل أن يكون . وبعد ذلك جاء الحق سبحانه بالكلمة التي بعث عليها الرسل جميعاً : { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ … } .