Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 96-96)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مادة : بَصُر منها أبصرت للرؤية الحسية ، وبصرت للرؤية العلمية أي : بمعنى علمتُ . فمعنى { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ … } [ طه : 96 ] يعني : اقتنعتُ بأمر هم غير مقتنعين به ، فأنا فعلتُ وهم قَلَّدوني فيما فعلتُ من مسألة العِجْل . وقد أدَّى به اجتهاده إلى صناعة العجل لأنه رأى قومه يحبون الأصنام ، وسبق أنْ طلبوا من موسى أن يجعل لهم إلهاً لما رأوا قوماً يعبدون الأصنام ، فانتهز السامريُّ فرصة غياب موسى ، وقال لهم : سأصنع لكم ما لم يستطع موسى صناعته ، بل وأزيدكم فيه ، لقد طلبتم مجرد صنم من حجارة إنما أنا سأجعل لكم عِجْلاً جَسَداً من الذهب ، وله صوت وخُوَار مسموع . وقوله : { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا … } [ طه : 96 ] قبض على الشيء : أخذه بجُمْع يده . ومثلها : قَبصَ . وقوله : { مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ … } [ طه : 96 ] للعلماء في هذه المسألة روايات متعددة . منها : أن السامري حين كان جبريل عليه السلام يتعَهَّده وهو صغير ، كان يأتيه على جواد فلاحظ السامري أن الجواد كلما مَرَّ على شيء اخضرّ مكان حافره ، ودَبَّتْ الحياة فيه ، لذلك : فأصحاب هذا القول رأوْا أن العجل كان حقيقياً ، وله صوت طبيعي ليس مجرد مرور الهواء من خلاله . ورَأْى آخر يقول : { مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ … } [ طه : 96 ] الرسول كما نعلم هو المبلِّغ لشرع الله المباشر للمبلّغ ، أما جبريل فهو رسول للرسول ، ولم يَرَه أحد فأُطلِقت الرسول على حامل المنهج إلى المتكلّم به ، لكنها قد تُطلق ويُراد بها التهكّم ، كما جاء في قوله تعالى : { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ … } [ المنافقون : 7 ] فيقولون : رسول الله تهكماً لا إيماناً بها . وكذلك في قوله تعالى : { وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ … } [ الفرقان : 7 ] . إذن : قد يُرَاد بها التهكّم . لكن ، ما المراد بأثر الرسول ؟ الرسول جاء لِيُبلِّغ شرعاً من الله ، وهذا هو أثره الذي يبقى من بعده . فيكون المعنى : قبضتُ قبضة من شرع الرسول ، قبضة من قمته ، وهي مسألة الإله الواحد الأحد المعبود ، لا صنمَ ولا خلافه . وقوله تعالى : { فَنَبَذْتُهَا … } [ طه : 96 ] أي : أبعدتُها وطرحتها عن مُخيِّلتي ، ثم تركتُ لنفسي العنان في أن تفكر فيما وراء هذا . بدليل أنه قال بعدها { وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } [ طه : 96 ] أي : زيَّنتها لي ، وألجأتني إلى معصية . فلا يقال : سوَّلَتْ لي نفسي الطاعة ، إنما المعصية وهي أن يأخذ شيئاً من أثر الرسول ووَحْيه الذي جاء به من الله ، ثم يطرحه عن منهجه ويُبعده عن فِكْره ، ثم يسير بِمَحْض اختياره . ثم يقول الحق سبحانه : { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ … } .