Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 41-41)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سبق أنْ خاطب الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله : { وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً … } [ الأنبياء : 36 ] لذلك يُسلِّيه هنا : لست بدعاً من الرسل ، فَخُذْ هذه المسألة بصدر رَحْب ، فلقد استهزئ بالرسل من قبلك فلا تحزن ، فسوف يحيق بهم ما صنعوا ، ويجدون عاقبة هذا الاستهزاء . كما جاء في قصة نوح عليه السلام : { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ … } [ هود : 38 ] فيردُّ نوح : { إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ } [ هود : 38 ] أي : انتظروا النهاية ، وسوف ترون ! ! . ومعنى : { فَحَاقَ … } [ الأنبياء : 41 ] أي : حَلَّ ونزل بقسوة { بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [ الأنبياء : 41 ] . وهذا المعنى واضح في قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ } [ المطففين : 29 - 31 ] أي : مسرورين فرحين ، وهذا دليل على لُؤْمهم ورذالة طباعهم ، فلم يكتفوا بالاستهزاء ، وإنما يحكونه وينبجحون به . { وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [ المطففين : 32 - 36 ] . هل استطعنا أنْ نُجازيهم بما عملوا ؟ نعم يا ربّ . ولا ننسى أن استهزاء الكفار بأهل الحق استهزاء موقوت بوقته في الدنيا ، أمّا استهزاء الله بهم فاستهزاء أبديّ لا نهايةَ له . ويجب هنا أن نتنبه لهذه المسألة ، فكثيراً ما يتعرض أهل الإيمان للاستهزاء وللسخرية من أهل الباطل ، وهؤلاء الذين يسخرون منهم لأجلهم يصون الله لهم الحياة ويدفع عنهم العذاب ، كما جاء في الحديث القدسي : " فلولا أطفال رُضَّع ، وشيوخ رُكّع ، وبهائم رُتَّع لصببتُ عليكم العذاب صباً " . فحين ترى تقياً ، فإذا لم تشكره على تقواه وتقتدي به فلا أقلَّ من أنْ تدعَه لحاله ، لا تهزأ به ، ولا تسخر منه لأن في وجوده استبقاءً لحياتك وأَمْنِكَ ، وأقل ما يمكنك أنْ تُقيِّم به التقى : يكفيك منه أن أمنتَ شرَّه ، فلن يعتدي عليك ، ولن ترى منه شيئاً يسؤوك . ثم يقول الحق سبحانه وتعالى : { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ … } .