Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 49-49)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الخشية : الخوف بتعظيم ومهابة ، فقد تخاف من شيء وأنت تكرهه أو تحتقره . فالخشية كأنْ تخاف من أبيك أو من أستاذك أن يراك مُقصِّراً ، وتخجل منه أنْ يراك على حال تقصير . فمعنى الخوف من الله : أن تخاف أن تكون مُقصِّراً فيما طُلِب منك ، وفيماً كلَّفك به لأن مقاييسه تعالى عالية ، وربما فاتكَ من ذَلك شيء . وفي موضع آخر يشرح الحق سبحانه هذه المسألة ، فيقول : { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ … } [ فاطر : 28 ] لماذا ؟ لأنهم الأعلم بالله وبحكمته في كونه ، وكلما تكشَّفَتْ لهم حقائق الكون وأسراره ازدادوا لله خشية ، ومنه مهابة وإجلالاً لذلك قال عنهم : { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ … } [ النحل : 50 ] أي : أعلى منهم وعلى رؤوسهم ، لكن بِحُبٍّ ومهابة . ومعنى : { بِٱلْغَيْبِ … } [ الأنبياء : 49 ] أنهم يخافون الله ، مع أنهم لا يَروْنه بأعينهم ، إنما يَرَوْنَه في آثار صُنْعه ، أو بالغيب يعني : الأمور الغيبية التي لا يشاهدونها ، لكن أخبرهم الله بها فأصبحت بَعْد إخبار الله كأنها مشهدٌ لهم يروْنَها بأعينهم . أو يكون المعنى : يخشون ربهم في خَلَواتِهم عن الخَلْق ، فمهابة الله والأدب معه تلازمهم حتى في خَلْوتهم وانفرادهم ، على خلاف مَنْ يُظهِر هذا السلوك أمام الناس رياءً ، وهو نمرود في خَلْوته . وقوله تعالى : { وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } [ الأنبياء : 49 ] والإشفاق بمعنى الخوف أيضاً ، لكنه خَوْفَ يصاحبه الحذر مما تخاف ، فالخوف من الله مصحوب بالمهابة ، والخوف من الساعة مصحوب بالحذر منها ، مخافة أنْ تقوم عليهم قبل أنْ يُعِدوا أنفسهم لها إعداداً كاملاً يُفرحهم بجزاء الله ساعة يلقوْنَه .