Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 73-73)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أئمة : ليس المقصود بالإمامة هنا السُّلْطة الزمنية من باطنهم ، إنما إمامة القدوة بأمر الله { يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا … } [ الأنبياء : 73 ] فهم لا يصدرون في شيء إلا على هُدًى من الله . وقوله تعالى : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ … } [ الأنبياء : 73 ] أي : يفتح لهم أبواب الخير ويُيسِّر لهم ظروفه لأن الموفّق الذي يتوفر لديه الاستعداد للخير يفتح الله له مصارف الخير ويُعينه عليه . { وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ … } [ الأنبياء : 73 ] وإقامة الصلاة هي : عَيْن الخيرات كلها لأن الخيرات نعمة ، لكن إقامة الصلاة حضرة في جانب المنعِم سبحانه ، فالصلاة هي خَيْر الخَيْر . ومع ذلك نجد مَنْ يتشاغل عن الصلاة ، ويعتذر بالعمل وعدم الوقت … الخ وكلها أعذار واهية ، فكنتُ أقول لبعض هؤلاء : بالله عليك لو احتجتَ دورة المياه أتجد وقتاً أم لا ؟ يقول : أجد الوقت ، فلماذا - إذن - تحتال في هذه المسألة وتدبر الوقت اللازم ، ولا تحتال في وقت الصلاة ؟ وربك عز وجل لو علم منك أنك تُجيب نداءه لَسهَّل لك الإجابة وقد رأينا الحق سبحانه يُسخِّر لك حتى الكافر ليعينك على أمر الصلاة . ففي إحدى سفرياتنا إلى بلجيكا رأينا أن أولاد المسلمين هناك لا يدرسون شيئاً من الدين الإسلامي في المدارس ، بل يُدرِّسون لهم الدين المسيحي ، فطلبنا مقابلة وزير المعارف عندهم ، وتكلمنا معه في هذا الأمر ، وكانت حُجَّتنا أنكم قبلتُم وجود هؤلاء المسلمين في بلادكم لحاجتكم إليهم ، وإسهامهم في حركة حياتكم ، ومن مصلحتكم أن يكون عند هؤلاء المسلمين دين يراقبهم قبل مراقبتكم أنتم ، وأنتم أوّلُ المستفيدين من تدريس الدين الإسلامي لأولاد المسلمين . وفعلاً في اليوم التالي أصدروا قراراً بتدريس الدين الإسلامي في مدارسهم لأولاد المسلمين ذلك لأن الإسلام دين مثمر ، ودين إيجابي تضمنه وتأمنه . فلأهمية الصلاة ذكرها الحق سبحانه في أول أفعال الخيرات ، وفي مقدمتها ، فقمّة الخيرات أنْ تتواجد مع الإله الذي يهبُكَ هذه الخيرات . { وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ … } [ الأنبياء : 73 ] والزكاة تطبيق عمليٌّ للاستجابة لله حين تُخرج جزءاً من مالك لله ، والصلاة دائماً ما تُقرَن بالزكاة ، فالعلاقة بينهما قوية ، فالزكاة تضحية بجزء من المال ، والمال في الحقيقة نتيجة العمل ، والعمل فرع الوقت ، أما الصلاة فهي تضحية بالوقت ذاته . وقوله تعالى : { وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ } [ الأنبياء : 73 ] أي : مطيعين لأوامرنا ، مجتنبين لنواهينا ، فالعبادة طاعة عابد لمعبوده . ثم يقول الحق سبحانه : { وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً … } .