Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 83-83)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نَادَى : قلنا النداء لمثلك طلب إقبال ، أما بالنسبة لله تعالى فهو بمعنى الدعاء ، فمعنى { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ … } [ الأنبياء : 83 ] أي : دعاه وناداه بمطلوب هو : { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [ الأنبياء : 83 ] والضُّر : ابتلاء من الله في جسده بمرض أو غيره . أما الضرَّ بفتح الضاد ، فهو إيذاء وابتلاء في أي شيء آخر غير الجسد ، ولا مانع أن يمرض الأنبياء لكن بمرض غير مُنفِّر . لكن ، كيف ينادي أيوب عليه السلام ربه ويتوجع { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ … } [ الأنبياء : 83 ] أليس في علم الله أن أيوبَ مسَّه الضرُّ ؟ وهل يليق بالنبي أنْ يتوجّع من ابتلاء الله ؟ نعم ، يجوز له التوجُّع لأن العبد لا يَشْجَعُ على ربه لذلك فإن الإمام علياً رضي الله عنه لما دخل عليه رجل يعوده وهو يتألم من مرضه ويتوجع ، فقال له : أتتوجَّع وأنت أبو الحسن ؟ فقال : أنا لا أشجع على الله يعني : أنا لست فتوة أمام الله . ألا ترى أنه من الأدب مع مَنْ يريد أن يُثبِت لك قوته فيمسك بيدك مثلاً ، ويضغط عليها لتضجّ وتتألم ، أليس من الأدب أن تطاوعه فتقول : آه وتُظهِر له ولو مجاملة أنه أقوى منك ؟ ومعنى : { وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [ الأنبياء : 83 ] ساعةَ أنْ ترى جَمْعاً في صفة من الصفات يُدخِل الله فيه نفسه مع خَلْقه ، كما في : { أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [ الأنبياء : 83 ] و { أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [ المؤمنون : 14 ] و { خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } [ آل عمران : 54 ] فاعلم أن الله تعالى يُثبِت نفس الصفة لعباده ، ولا يبخسهم حقهم . فالرحمة من صفات البشر ، كما جاء في الحديث الشريف : " الراحمون يرحمهم الرحمن " . وفي " ارحموا مَنْ في الأرض يرحمكم مَنْ في السماء " . فالرحمة تخلُّق بأخلاق الحق سبحانه ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " تخلَّقوا بأخلاق الله " . إذن : للخَلْق صفة الرحمة ، لكن الله هو أرحم الراحمين جميعاً لأن رحمته تعالى وسعَتْ كل شيء . كما قلنا في صفة الخَلْق : فيمكنك مثلاً أن تصنع من الرمل كوباً ، وتُخرِِجه إلى الوجود ، وتنتفع به ، لكن أخَلْقك للكوب كخَلْق الله ؟ ثم يقول الحق سبحانه : { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا … } .