Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 36-36)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بعد أن تكلم الحق سبحانه وتعالى في النفقة مِمَّا رزقكم الله تكلَّم في النفقة في البُدْن ، والبُدْن : جمع بَدَنة ، وهي الجمل أو الناقة ، أو ما يساويهما من البقر ، وسمَّاها بَدَنة إشارة إلى ضرورة أنْ تكون بدينة سمينة وافرة ، ولا بُدَّ أنْ تراعي فيها هذه الصفة عند اختيارك للهَدْي الذي ستُقدمه لله ، واحذر أن تكون من أولئك الذين يجعلون لله ما يكرهون ، إنما كُنْ من الذين قال الله لهم : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ … } [ البقرة : 267 ] . وقوله تعالى : { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ … } [ الحج : 36 ] أي : اذكروا الله بالشكر على أنْ وهبها وذلَّلها لكم ، واذكروا اسم الله عليها حين ذَبْحها . ومعنى { صَوَآفَّ … } [ الحج : 36 ] يعني : واقفةً قائمة على أرْجُلها ، لا ضعفَ فيها ولا هُزَال ، مصفوفة وكأنها في معرض أمامك . وهذه صفات البُدْن الجيدة التي تناسب هذه الشعيرة وتليق أنْ تُقدَّمْ هَدْياً لبيت الله . ومعنى : { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا … } [ الحج : 36 ] وجبَ الشيء وجباً يعني : سقط سقوطاً قوياً على الأرض ، ومعلوم أن البَدَنة لا تُذبح وهي مُلْقاة على الأرض مثل باقي الأنعام ، وإنما تُنْحر وهي واقفة ، فإذا ما نُحِرَتْ وقعتْ على الأرض وارتمتْ بقوة من بدانتها . { فَكُلُواْ مِنْهَا … } [ الحج : 36 ] وقلنا : إن الأكل لا يكون إلا من الهَدْي المحض والتطوع الخالص الذي لا يرتبط بشيء من مسائل الحج ، فلا يكون هَدْيَ تمتُّع أو قِرَان ، ولا يكون جِبْراً لمخالفة ، ولا يكون نَذْراً … إلخ . وعِلَّة الأمر بالأكل من الهَدْي لأنهم كانوا يتأففون أنْ يأكلوا من المذبوح للفقراء ، وكأن في الأمر بالأكل منها إشارة لوجوب اختيارها مما لا تعافه النفس . ومعنى : { ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ … } [ الحج : 36 ] القانع : الفقير الذي يتعفَّف أنْ يسأل الناس ، والمعترّ : الفقير الذي يتعرَّض للسؤال . ثم يقول سبحانه : { كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ … } [ الحج : 36 ] يعني : سخّرناها لكم ، ولو في غير هذا الموقف ، لقد سخَّرها الله لكم منذ وُجِد الإنسان لذلك عليكم أنْ تشكروا الله على أنْ أوجدها وملّككم إياها ، وتشكروه على أنْ سخَّرها وذلَّلها لكم ، وتشكروه على أنْ هداكم للقيام بهذا المنسك ، وأداء هذه الشعيرة وعمل هذا الخير الذي سيعود عليكم بالنفع في الدنيا وفي الآخرة . ثم يقول الحق سبحانة : { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ … } .