Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 47-47)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ألم يقولوا في استعجال العذاب : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] . وقالوا : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ الأعراف : 70 ] . ولا يستعجل الإنسانُ العذابَ إلا إذا كان غَيْرَ مؤمن به ، المؤمن بالعذاب - حقيقةً - يخاف منه ، ويريد أنْ يبطئ عنه أو أنْ ينجوَ منه . والمعنى : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ … } [ الحج : 47 ] أنهم يظنون أنَّه إنْ توعّدهم الله بالعذاب فإنه سيقع لِتَوِّه . لذلك ، الحق سبحانه يصحح لهم هذا الفهم ، فيقول : { وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [ الحج : 47 ] فلا تتعجلوا توعّدكم به ، فهو واقع بكم لا محالة لأنه وَعْد من الله ، والله لا يُخلِف وعده ، لكن اعلموا أن اليوم عند الله ليس كيومكم ، اليوم عندكم أربع وعشرون ساعة ، أما عند الله فهو كألف سنة من حسابكم أنتم للأيام . واليوم زمن يتسع لبعض الأحداث ، ولا يسع أكثر مما قدِّر أن يُفعل فيه من الأحداث ، أما اليوم عند الله - عَزَّ وجَلَّ - فيسع أحداثاً كثيرة تملأ من الزمن ألف سنة من أيامكم ذلك لأنكم تزاولون الأعمال وتعالجونها ، أما الخالق سبحانه فإنه لا يزاول الأفعال بعلاج ، وإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له : كُنْ فيكون ، ففِعْلُك يحتاج إلى وقت ، أما فِعْل ربك فبكلمة كُنْ . وقد شاء الحق سبحانه أنْ يعيشَ هؤلاء في عذاب التفكير في هذا الوعيد طول عمرهم ، فيُعذّبون به قبل حدوثه . إذن : لا تظن أن العذاب الذي توعّدكم به سيحدث اليوم أو غداً ، لا لأن حساب الوقت مختلف . ألم تقرأ قول الله تعالى لنبيه موسى - عليه السلام - لمَّا دعا على قومه : { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [ يونس : 88 ] . قال له ربه : { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا … } [ يونس : 89 ] . ويقول المفسرون : حدثتْ هذه الإجابة لموسى بعد أربعين سنة من دعوته عليهم . وفي موضع آخر يقول تعالى : { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [ السجدة : 5 ] . وتزيد هذه المدة في قوله سبحانه : { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [ المعارج : 4 ] لماذا ؟ لأن الزمن عندكم في هذه الحالة مُعطَّل ، فأنتم من هَوْل ما تروْنَ تستطيلون القصير ، ويمر عليكم الوقت ثقيلاً لذلك تتمنون الانصراف ولو إلى النار . كما أن صاحب النعيم يستقصر الطويل ، ويمر عليه الوقت كأنه لمح البصر ، ومن ذلك ما تلاحظه من قِصَر الوقت مع الأحبة وطوله مع الأعداء ومَنْ لا يهواه قلبك ، ولهذه المسألة شواهد كثيرة في شعرنا العربي ، منها قول أحدهم : @ حَادِثَاتُ السُّرورِ تُوزَنُ وَزْناً وَالبَلايَا تُكَال بالقُفْزَان @@ وقول الآخر : @ لَمْ يَطُلْ لَيْلِي ولكِنْ لَمْ أَنَمْ ونَفَى عَنِّي الكَرَى طَيْفٌ أَلَمّ @@ ويقول ابن زيدون : @ إنْ يَطُلْ بعدَكَ لَيْلِي فَلَكَمْ بِتُّ أشكُو قِصَرَ الليْلِ مَعَك @@ ثم يقول سبحانه : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ … } .