Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 30-30)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فِي ذٰلِكَ … } [ المؤمنون : 30 ] يعني : فيما تقدم { لآيَاتٍ … } [ المؤمنون : 30 ] عبر وعظات وعجائب ، لو فكّر فيها المرء بعقل محايد لانتهى إلى الخير { وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } [ المؤمنون : 30 ] فلا تظن أن الابتلاء مقصور على الظلمة والكافرين الذين أخذهم الله وأهلكهم ، فقد يقع الابتلاء بمَنْ لا يستحق الابتلاء ، وحين يبتلي اللهُ أهلَ الخير والصلاح فما ذلك إلا ليزداد أجرهم وتُرفع مكانتهم ويُمَحّص إيمانهم . ومن ذلك الابتلاءات التي وقعت بالمسلمين الأوائل ، فإنها لم تكُنْ كراهية لهم أو انتقاماً منهم ، إنما كانت تصفية لمعدنهم وإظهاراً لإيمانهم الراسخ الذي لا يتزعزع لأنهم سيحملون دعوة الله إلى أنْ تقوم الساعة ، فلا بُدَّ من تمحيصهم وتصفيتهم . كما قال سبحانه : { أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } [ العنكبوت : 2 ] لا ، لا بُدَّ من الابتلاء الذي يُميِّز الصادقين ممَّنْ يعبد الله على حَرْف ، لا بُدَّ أن يتساقط هؤلاء من موكب الدعوة ، ولا يبقى إلا المؤمنون الراسخون على إيمانهم الذين لا تزعزعهم الأحداث . إذن : المعنى { وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } [ المؤمنون : 30 ] يعني : أهل الإيمان الذين لا يستحقون العذاب لأننا نحب أن نرفع درجاتهم ونُمحِّص إيمانهم ليكونوا أَهْلاً لدعوة الله لذلك يقول الحق - تبارك وتعالى - في الحديث القدسي : " وعزتي وجلالي ، لا أُخرج عبدي من الدنيا وقد أردتُ به الخير حتى أوفيه ما عمله من السيئات ، من مرض في جسمه وخسارة في ماله ، وفقد في ولده ، فإذا بقيتْ عليه سيئة ثقَّلت عليه سكرات الموت حتى يأتيني كيوم ولدته أمه … وعزتي وجلالي ، لا أخرج عبدي من الدنيا وقد أردتُ به الشر حتى أوفيه ما عمله من الحسنات ، صحةً في جسمه ، وبركة في ماله وولده ، فإذا بقيتْ له حسنة خففتُ عليه سكرات الموت حتى يأتيني وليست له حسنة " . إذن : فالابتلاء كما يكون انتقاماً من الكفرة والظلمة يكون كذلك تربيباً للنفع ، وتمحيصاً للإيمان ، وإرادة للثواب . ثم يقول الحق سبحانه : { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ … } .