Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 45-45)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تكررت قصة موسى - عليه السلام - كثيراً ومعه أخوه هارون ، كما قال : { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي } [ طه : 31 - 32 ] والبعض يظن أن موسى جاء برسالة واحدة ، لكنه جاء برسالتين : رسالة خاصة إلى فرعون ملخّصها : { فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ … } [ طه : 47 ] . وجاء له بمعجزات تثبت صِدْق رسالته من الله ، ولم يكن جدال موسى لفرعون في مسألة الإيمان جزءاً من هذه الرسالة ، إنما جاء هكذا عرضاً في المناقشة التي دارتْ بينهما . والرسالة الأخرى هي رسالته إلى بني إسرائيل متمثلة في التوراة . وقوله : { بِآيَاتِنَا … } [ المؤمنون : 45 ] قلنا : إن الآيات جمع آية ، وهي الشيء العجيب الملفت للنظر الفائق على نظرائه وأقرانه ، والذي يكرم ويفتخر به . والآيات إما كونية دالّة على قدرة الله في الخَلْق كالشمس والقمر … إلخ كما قال سبحانه : { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ … } [ فصلت : 37 ] . ومهمة هذه الآيات الكونية أنْ تلفت نظر المخلوق إلى بديع صنع الخالق وضرورة الإيمان به ، فمنها نعلم أن وراء الكون البديع خالقاً وقوة تمده وتديره ، فَمنْ يمدُّ هذه الشمس بهذه القوة الهائلة ؟ إن التيار الكهربائي إذا أنقطع تُطْفأ هذه اللمبة ، فمَنْ خلق الشمس من عدم ، وأمدِّها بالطاقة من عدم ؟ إذن : وراء هذا الكون قوة ما هي ؟ وماذا تطلب منا ؟ وهذه مهمة الرسول أنْ يُبلغنا ، ويُجيب لنا عن هذه الأسئلة . وتُطلق الآية أيضاً على المعجزة التي تثبت صِدْق الرسول في البلاغ عن الله . وتُطلق الآية على آيات القرآن الحاملة للأحكام والحاوية لمنهج الله إلى خَلْقه . ثم يقول تعالى : { وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [ المؤمنون : 45 ] فعطف { وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [ المؤمنون : 45 ] على { بِآيَاتِنَا … } [ المؤمنون : 45 ] وهذا من عطف الصفة على الموصوف لمزيد اختصاص لأن الآيات هي السلطان ، فالسلطان : الحجة . والحجة على الوجود الأعلى آيات الكون ، والحجة على صِدْق الرسول المعجزات ، والحجة على الأحكام الآيات الحاملة لها . وسَمَّى معجزة موسى عليه السلام العصا سلطاناً مبيناً أي : محيطاً لأنها معجزة متكررة رأينا لها عدة حالات : فهذه العصا الجافة مرة تنقلب إلى حيّة تلقَفُ الحيّات ، ومرة يضرب بها البحر فينفلق ، ومرة يضرب بها الحجر فيتفجر منه الماء ، وفوق ذلك قال عنها : { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ } [ طه : 18 ] . ومن معاني السلطان : القَهْر على عمل شيء أو الإقناع بالحجة لعمل هذا الشيء ، لذلك كانت حجة إبليس الوحيدة يوم القيامة أن يقول لأتباعه : { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي … } [ إبراهيم : 22 ] يعني : كنتم رَهْن الإشارة ، إنما أنا لا سلطان لي عليكم ، لا سلطانَ قهر ، ولا سلطان حجة . لذلك قال في النهاية : { مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ … } [ إبراهيم : 22 ] والإنسان يصرخ إذا فزَّعه أمر لا حيلة له به ، فيصرخ استنفاراً لمعين يُعينه ، فمَنْ أسرع إليه وأعانه يقال : أصرخه . يعني : أزال سبب صراخه .