Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 4-4)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الزكاة أولاً تطلق على معنى التطهير ، كما جاء في قول الحق تبارك وتعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [ التوبة : 103 ] لأن الغفلة قد تصيب الإنسان حال جمع المال ، فيخالط ماله ما فيه شبهة مثلاً ، فيحتاج إلى تطهير ، وتطهير المال يكون بالصدقة منه . والزكاة بمعنى النماء ، فبعد أن تُطهر المال تُنمِّيه وتزيده ، كما جاء في قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } [ الشمس : 9 ] يعني : نمَّى ملَكة الخير فيها ، ورقَّاها وصعَّدها بأن ينظر إلى العمل إنْ كان سينقص منك في الظاهر ، إلا أنه سيجلب لك الخير فيما بعد ، فترتقي بذلك ملكَات الخير في نفسك . لذلك لما تكلم الحق سبحانه عن الربا ، وهو الزيادة جمع المتناقضات في آية واحدة ، فالربا يزيد المال ويأخذ المرابي المائة مائة وعشراً ، في حين تنقص الزكاة من المال في الظاهر ، فالمائة بعد الزكاة تصبح سبعة وتسعين ونصفاً ، ثم تأتي الآية لتضع أمامك المقياس الحقيقي : { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرِّبَا وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَاتِ } [ البقرة : 276 ] ، فالربا الذي تظنه زيادة هو مَحْقٌ ، والذي تظنه نقصاً هو بركة وزيادة ونماء . وفي آية أخرى يقول تعالى : { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِندَ ٱللَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ } [ الروم : 39 ] أي : الذين يضاعف الله لهم ويزيدهم . وكما أمرنا ربنا - تبارك وتعالى - بالخشوع في الصلاة أمرنا كذلك في الزكاة ، فلم يقل : مؤدون . ولكن { فَاعِلُونَ } [ المؤمنون : 4 ] وهذه من تربية مقامات العبادة في الإنسان ، فأنت حين تصلي ينبغي أن تخشع وتخضع في صلاتك لله ، وكذلك حين تُزكّي تُرقِّي ملكَة الخير في نفسك ، فحين تعمل وتسعى لا تعمل على قَدْر حاجتك ، وإنما على قَدْر طاقتك ، فتأخذ من ثمرة سَعْيك حاجتك ، وفي نيتك أن تُخرِج من الباقي زكاة مالك وصدقتك ، فالزكاة - إذن - في بالك وفي نيتك بدايةً . ثم يقول الحق سبحانه : { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ … } .