Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 54-54)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَذَرْهُمْ … } [ المؤمنون : 54 ] يعني : دَعْهم ، والعرب لم تستعمل الماضي من هذين الفعلين ، فورد فيهما يدع ويذر . وقد ورد هذا الفعل أيضاً في قوله تعالى : { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ … } [ المزمل : 11 ] . وفي قوله تعالى : { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ … } [ القلم : 44 ] . والمعنى : ذرهم لي أنا أتولى عقابهم ، وأفعل بهم ما أشاء ، أو : ذرهم يفعلون ما يشاءون ليستحقوا العقاب ، وينزل بهم العذاب . والغمرة : جملة الماء التي تغطي قامة الرجل وتمنع عنه التنفس ، فلا يبقى له من أمل في الحياة إلا بمقدار ما في رئته من الهواء لذلك يحرص الإنسان على أنْ يُمرِّن نفسه على أن تتسع رئته لأكبر قدر من الهواء . ومن ذلك أخذت كلمة المنافسة ، وأصلها أن يغطس اثنان تحت الماء ليختبر كل منهما الآخر : أيّهما يبقى فترة أطول تحت الماء ودون تنفس . ويقول تعالى : { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ } [ المطففين : 26 ] وتستطيع أن تُجري مع نفسك هذه المنافسة ، بأن تأخذ نفساً عميقاً ثم تعد : واحد ، اثنان وسوف ترى مقدار ما في رئتك من الهواء . فالمعنى : ذَرْهم في غبائهم وغفلتهم فلن يطول بهم الوقت لأنهم كمن غمره الماء ، وسرعان ما تنكتم أنفاسه ويفارق الحياة لذلك قال تعالى بعدها : { حَتَّىٰ حِينٍ } [ المؤمنون : 54 ] والحين مدة من الزمن قد تطول ، كما في قوله تعالى : { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا … } [ إبراهيم : 25 ] . وقد تقصر كما في قوله تعالى : { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } [ الروم : 17 ] وكأن الله تعالى عَبّر بالغمرة ليدل على أن حينهم لن يطول . ثم ينتقل السياق ليعالج قضية قد تشغل حتى كثيراً من المؤمنين : { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ … } .